دفن الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري في منطقة يقال لها الربذة، تقع شرق المدينة المنورة، وكان ذلك سنة اثنتين وثلاثين، وقد صلّى عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.[١]

  • فقد اعتزل الصحابي أبو ذر الغفاري الناس في آخر أيامه، وذهب إلى منطقة الربذة، فعندما ظهرت علامات الموت عليه -رضي الله عنه- بكت زوجته كثيراً، فسألها عن السبب فقالت: "وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض، ولا يدان لي بتغييبك، وليس معنا ثوب يسعك كفناً، ولا لك"، فأخبرها ألّا تبكي وقال: (أبشِري ولا تَبكي فإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : ( لا يموتُ بيْنَ امرَأَيْنِ مُسلِمَيْنِ ولدانِ أو ثلاثٌ فيصبِرانِ ويحتِسبانِ فيريانِ النَّارَ أبدًا ) وإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ لِنفرٍ أنا فيهم : ( ليموتَنَّ رجُلٌ منكم بفَلاةٍ مِن الأرضِ يشهَدُه عصابةٌ مِن المؤمِنينَ ) وليس مِن أولئك النَّفرِ أحَدٌ إلَّا وقد مات في قريةٍ وجماعةٍ فأنا ذلك الرَّجُلُ واللهِ ما كذَبْتُ ولا كُذِبْتُ فأبصري الطَّريقَ).[٢]
  • فكانت زوجته تعتني به قليلاً، وتخرج إلى الطريق قليلاً، وبينما هي تراقب الطريق، أقبل بعض الناس، فنادتهم، فأسرعوا إليها، وعندما علموا أنّ أبا ذرّ صاحب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَدَوه بآبائهم وأمهاتهم، وبعد أن سلّموا عليه؛ أخبرهم -رضي الله عنه- بما سمعه من رسول الله، وطلب منهم ألّا يُكفّنه رجل منهم كان أميراً، أو عريفاً، أو بريداً، فكفّنه أحد رجال الأنصار بثوبَين كانا معه، وبثوب من الذي عليه من اللباس، ودفنه الرجال الذين معه.


معلومات عن أبي ذر الغفاري

نسبه

هو الصحابي الجليل جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار، وهو أصح ما قيل فيه من الأسماء، حيث اختُلِف في اسمه -رضي الله عنه- كثيراً، فقيل هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عُبَيْد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة الغفاري، وقيل اسمه برير بن عبد الله، وقيل: برير بن جنادة، وقيل أيضاً هو بريرة بن عشرقة، وقال آخرون هو جندب بن عبد الله، وقيل: جندب بن سكن، والدته هي رملة بنت الوقيعة من بني الغفار،[٣] وقد أسلمت -رحمها الله- قبل وفاتها، ولد أبو ذر -رضي الله عنه- في قبيلة غفار الواقعة بين مكة والمدينة، وكانت تشتهر هذه القبيلة بقطع الطريق، والسطو على المسافرين والتجار وأخذ أموالهم بالإجبار، وقد كان أبو -رضي الله عنه- رجلاً يصيب الطريق كما كانت قبيلته.[٤]


صفاته الأخلاقية

تميّز الصحابي أبو ذرّ -رضي الله عنه- بمجموعةٍ من الصفات الخُلقية، وفيما يلي ذكر بعضها:[٥]

  • غزارة العلم: اشتهر -رضي الله عنه- بالعلم الغزير، حتى أنّه لم يشهد -رضي الله عنه- غزوة بدر، بل ألحقه عمر -رضي الله عنه- مع القرّاء، وقد ثيل أنّه -رضي الله عنه- كان يوازي ابن مسعودٍ في فضله وعلمه.
  • القوة في الحق: فقد كان -رضي الله عنه- لا تأخذه في الله -تعالى- لومة لائمٍ.
  • الزهد: فقد روي عن أبي ذر -رضي الله نه- أنّه قال: (إنِّي لأقرَبُكُمْ مجلسًا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ القيامَةِ وذلك أني سمعتُه يقولُ: إنَّ أقرَبَكُمْ منِّي مجلسًا يومَ القيامَةِ من خرَج من الدنيا كهيئة ما تركتُه عليها وإنَّه واللهِ ما منْكُمْ مِن أحدٍ إلَّا وقدْ تَشَبَّثَ منها بشيءٍ غيري).[٦][٧]
  • الصدق: حيث كان -رضي الله عنه- صادق القول والفعل، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (ما أَظلَّتِ الخضراءُ، ولا أَقلَّتِ الغَبراءُ مِن رَجُلٍ أصدقَ لَهجةً مِن أبي ذَرٍّ).[٨]


المراجع

  1. ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 315-316. بتصرّف.
  2. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:6670، حديث قوي.
  3. ابن الأثير، أبو الحسن، أسد الغابة، صفحة 96. بتصرّف.
  4. "أبو ذر الغفاري"، قصة الإسلام، 1/5/2006، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2021. بتصرّف.
  5. الذهبي، شمس الدين، كتاب تاريخ الإسلام، صفحة 406. بتصرّف.
  6. رواه البوصيري ، في إتحاف الخيرة المهرة، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:310، رواته ثقات.
  7. ابن حجر العسقلاني، كتاب الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 108. بتصرّف.
  8. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6630 ، حسن لغيره.