دفن خالد بن الوليد رضي الله عنه في مدينة حمص، وقيل في المدينة المنورة، وكانت وفاته -رضي الله عنه- سنة إحدى وعشرين للهجرة عن عمر خمس وخمسين سنة، وكان ذلك في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولم يُعثر على شيء في بيته بعد وفاته سوى فرسه وسلاحه قد جعلهما -رضي الله عنه- وقفاً في سبيل الله -تعالى-، فلمّا علم عمر -رضي الله عنه- بذلك قال: "رحم الله أبا سليمان كان على غير ما ظنناه به"، وقيل أنّه عندما علمت نساء بني المغيرة بوفاته -رضي الله عنه- تجمّعن في دار وأخذن بالبكاء عليه، كما أقدمن على حلق شعر رؤوسهنّ حزنا على وفاته، وكان خالد -رضي الله عنه- قد قال عندما حضرته الوفاة: "لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلّا وفيه ضربة، أو طعنة، أو رمية، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء".[١][٢]


نبذة عن خالد بن الوليد

  • هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، وكان يُكنّى بأبي سليمان، وأمّه العصماء وهي لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب، وقد كان -رضي الله عنه- رفيع النسب حيث كان والده المغيرة بن عبد الله من أغنياء قريش وسيد من ساداتها، يعمد إلى كسوة الكعبة من ماله عاماً وكانت قريش تكسوها عاماً آخر.[٣]
  • وقد عُرف -رضي الله عنه- بفروسيته ومهاراته القتالية منذ صغره حتى تمكّن من القتال بسيفين في آن واحد وهو ما لم يتمكّن منه أحد سواه والزبير بن العوام -رضي الله عنه-، وكان إسلامه في السنة الثامنة للهجرة، ومن إخوته -رضي الله عنه-: عمارة، وأبو قيس، وعبد شمس، وهشام، ومن أخواته فاطمة بنت الوليد، وقد تزوج -رضي الله عنه- عدداً من النساء وأنجبن له خمسة من الذكور وهم: سليمان، وعبد الله الأول، وعبد الله الثاني، والمهاجر، وعبد الرحمن.[٤]
  • وكان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يُعرف بقوة جسده وضخامته، وممّا يُظهر ذلك أنّه في غزوة مؤتة قٌطعت في يديه تسعة أسياف، كما كان -رضي الله عنه- أشبه الناس بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومن الأخلاق الحميدة التي تمتع بها -رضي الله عنه-: الجود والكرم، والشجاعة التي كان -رضي الله عنه- مضرب المثل بها، والحكمة والتأنّي في اتخاذ القرار.[٤]
  • وممّا تجدر الإشارة إليه أنّه كان -رضي الله عنه- على دراية تامّة بأحكام القتال والجهاد لحاجته الماسّة إليه، أمّا معرفته بالعلوم الشرعية الأخرى فكان جيداً مقارنة بغيره من الصحابة، ويكمن السبب في ذلك إلى أنّ الوقت الذي أمضاه مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن طويلاً.[٤]


جهاد خالد بن الوليد في غزوة مؤتة

  • يعدّ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- من أشهر القادة المسلمين الذين عُرفوا بالحنكة والعبقرية العسكرية، وقد ظهر ذلك في العديد من المعارك التي خاضها -رضي الله عنه- لا سيما غزوة مؤتة، حيث أنّه قد تسلّم قيادة الجيش بعد استشهاد القادة الثلاثة الذين كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد ولّاهم قيادة الجيش بالتناوب وهم: زيد بن حارثة ثمّ جعفر بن أبي طالب ثمّ عبد الله بن رواحة -رضي الله عنهم-، ثمّ عمد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بوضع خطة يتمكّن من خلالها من تحقيق النصر للجيش الإسلامي الذي بلغ عدده ثلاثة آلاف مقاتل والتغلب على جيش الروم الذي بلغ عدد جنده مئتي ألف جندي.
  • فأمر -رضي الله عنه- بالعمل على إثارة الغبار الكثيف ليلاً من خلال جري وركض الخيول، ثمّ أعاد ترتيب وهيكلة الجيش بطريقة تُظهر للروم بوصول المدد للمسلمين من المدينة المنورة فجعل ميمنة الجيش ميسرة وميسرة الجيش ميمنة، كما جعل مقدمة الجيش مؤخرة ومؤخرة الجيش مقدمة، فحينئذ دبّ الرعب والخوف في قلوب الروم لاعتقادهم بوصول المدد فعلاً للمسلمين، ممّا كان ذلك سبباً في حفظ كيان وهيبة الجيش الإسلامي، وتمكّن خالد -رضي الله عنه- من الانسحاب التدريجي للجيش في اليوم التالي دون ملاحقة الروم لهم.[٥][٦]


الإنجازات العسكرية لخالد بن الوليد

استطاع خالد بن الوليد -رضي الله عنه- من تحقيق العديد من الإنجازات العسكرية بعد إسلامه، فقد حارب المرتدين، وقاتل مسيلمة الكذاب، وتمكّن من فتح جزء كبير من العراق، وفتح بلاد الشام ومواجهة الروم في معركة اليرموك، وذلك بعد أن عمد -رضي الله عنه- إلى تجميع الجيوش الإسلامية التي كانت منتشرة في الشام تحت راية واحدة، وقام بإعادة ترتيب الجيش وهيكلته فجعل أبو عبيدة -رضي الله عنه- أميراً على قلب الجيش، وعمرو بن العاص -رضي الله عنه- أميراً على ميمنة الجيش، ويزيد بن أبي سفيان أميراً على ميسرة الجيش، وتمّت المواجهة مع الروم في وادي اليرموك وأيّد الله -تعالى- المسلمين بالنصر المؤزّر.[٣]


المراجع

  1. أنور الجندي، من اعلام الاسلام، صفحة 22. بتصرّف.
  2. ابن الاثير، أسد الغابة، صفحة 140. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "خالد بن الوليد"، قصة اسلام، 7-3-2014، اطّلع عليه بتاريخ 4-10-2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت عبد العزيز العمري (7-9-2010)، "جوانب من الحياة الشخصية لخالد بن الوليد"، الالوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 4-10-2021. بتصرّف.
  5. جهاد الثرباني، مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ، صفحة 87-88. بتصرّف.
  6. "غزوة مؤتة"، اسلام ويب، 31-5-2004، اطّلع عليه بتاريخ 4-10-2021. بتصرّف.