التعريف بسهيل بن عمرو

هو سهيل بْن عَمْرو بْن عبد شمس بْن عبد ود بْن نصر بْن مالك القرشي العامري، ويُكنّى بأبي زيد، وهو أحد خطباء قريش وساداتهم، أُسِر في غزوة بدر، ولم يكن حينها مسلماً، وأسلم يوم الفتح،[١] وكان من أولاده عبد الله بن سهيل، وهو الذي فرّ من أبيه يوم بدر وذهب إلى النبي، إذْ كان يكتم إسلامه، وكذلك أبو جندل الذي أسلم في مكة، وله من الأبناء أيضاً: عتبة، وهند، وسهلة، وعمرو.[٢]


إرسال قريش سهيل بن عمرو لعقد الصلح

كان سهيل بن عمرو -رضي الله عنه- من الذين تولّوا كتابة عقد صلح الحديبية قبل إسلامه، إذ أرسلته قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليعقد الصّلح، وقد استبشر النبي باسمه خيراً عندما جاء، فقال لأصحابه: (لقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِن أمْرِكُمْ)،[٣] واقتضى الصلح أن يرجع النبي الكريم وأصحابه عن البيت في عامهم هذا، وأن توضع الحرب لمدة عشر سنوات.[٤]


وعندما كتب النبي الكريم البسملة في الرسالة قال له سهيل: "أمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» كما كُنْتَ تَكْتُبُ"، فَقال المسلمون: "واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ»، ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ)،[٣] فقال سهيل: "والله لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»، فَقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (واللَّهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»).[٣]


إسلام سهيل بن عمرو

ذكر أهل السير وأهل العلم في كتبهم أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما وقع سهيل في الأسر ببدر: "يا رسول الله، دَعْني أنزع ثنيّتي سهيل بن عمرو حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم"، ولكنّ النبيّ الكريم رفض أن يُمثَّلَ بسهيل، وأخبر عمر أنّه قد يأتي يومٌ ويكون سهيل في موقفٍ يسرُّه، أي تنبّأ بإسلامه فيما بعد،[٥] وذكر أهل العلم أنّ هذه القصّة وقول عمر للنبي بنزع ثنيتيّ سهيل ضعيفة، ولكنّها مبثوثة في الكثير من كتب السِّيَر.[٦]


وعندما جاء يوم فتح مكّة بسبب نقض المشركين للصلح خاف كل مشركٍ على نفسه، ورغم أن سهيل بن عمرو كان زعيماً في قومه إلا أنّه خاف على نفسه من القتل خوفاً شديداً، ولم يجد له عوناً من الزعماء، فكان منهم مَن فرّ ومنهم مَن اختبأ، فأرسل لابنه عبد الله -رضي الله عنه- الذي أسلم يوم بدر أن يطلب له الأمان من النبي الكريم، فما كان من النبي إلا أن قال لعبد الله: (نعمْ، هو آمِنٌ بأمانِ اللهِ فلْيَظهَرْ).[٧][٨]


وقد كان لأخلاق النبي وتعامله الكريم أثراً كبيراً في نفس سهيل، بل قال النبي الكريم لصحبه بعد أن أعطى الأمان لعبد الله: (مَن لَقِيَ سُهَيلَ بنَ عَمْرٍو فلا يَشُدَّ إليه، فلَعَمْري إنَّ سُهَيلًا له عَقلٌ وشَرفٌ، وما مِثلُ سُهَيلٍ جهِلَ الإسْلامَ)،[٧] فأسرع عبد الله يُخبر أباه عن مقولة النبي الكريم فيه، فامتلك ذلك قلبه، وقال عن النبي: "كان والله براً صغيراً وكبيراً"، وجاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه.[٨]


من مناقب سهيل بن عمرو

يقول ابن قمادين عن سهيل بن عمرو -رضي الله عنه-: "لم يكن أحد من كبراء قريش الذين تأخَّر إسلامهم فأسلموا يوم فتح مكة أكثر صلاة ولا صوماً ولا صدقة ولا أقبل على ما يعنيه من أمر الآخرة من سهيل بن عمرو"، وأخبر أيضاً أنّه كان كثير البكاء ورقيق القلب عند تلاوة القرآن الكريم.[٩]


وبعد أن تُوفّي النبي -صلى الله عليه وسلم- اختلف النّاس في مكة، وارتدّ بعضهم، فكان لسهيل بن عمرو موقفاً عظيماً في هذه الفتنة، حيث قام خطيباً وتكلّم بين النّاس، ووعظهم وعظاً مؤثِّراً، ومنعهم من الاختلاف، فتذكّر عمر -رضي الله عنه- كلام النبيّ عن سهيل عندما أُسِر في بدر، وقد تُوفّي سهيل -رضي الله عنه- في طاعون عمواس في السنة الثامنة للهجرة، وقيل: قُتِل في معركة اليرموك.[١٠]

المراجع

  1. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 328، جزء 2. بتصرّف.
  2. مصعب الزبيري، نسب قريش، صفحة 416-418. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم:2731، صحيح.
  4. محمد المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 5، جزء 129. بتصرّف.
  5. خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 430. بتصرّف.
  6. "هل ثبت أن عمر استأذن النبي صلى الله عليه في نزع ثنيتي سهيل بن عمرو لئلا يحرض قومه على المسلمين؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/5/2023. بتصرّف.
  7. ^ أ ب رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:5316، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  8. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 7، جزء 39. بتصرّف.
  9. ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 287، جزء 1. بتصرّف.
  10. ابن الأثير، جامع الأصول، صفحة 453، جزء 12. بتصرّف.