الصحابة والقرآن
كان الصحابة يهتمون بالقرآن الكريم اهتماماً كبيراً، ويولونه مزيد العناية والرعاية والتعاهد، وذلك لما وجدوه في أنفسهم من تأثر كبير بمعانيه، وسعادة عظيمة بتلاوة آياته، ومناجاة وذكر لله -تعالى- فالقرآن أحسن الحديث، وهو المعجزة الخالدة التي أيّد الله بها نبيه، وهو سبب الهداية والإيمان، وهو الذي غيّر حياة الصحابة، وجعلهم أفضل الناس بعد الأنبياء، وقد وصف الله -تعالى- حال الصحابة مع القرآن، فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}،[١] وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحثُّ الصحابة ويشجعهم على الإقبال على القرآن، وتلاوة آياته وتدبرها، وتعلم أحكامه، وحفظه في الصدور وفي السطور، جاء في الحديث: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ)،[٢] وجاء أيضاً: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ وهو حافِظٌ له، مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ؛ فَلَهُ أجْرانِ).[٣][٤]
كيف حفظ الصحابة القرآن الكريم؟
الحفظ في الصدور
كان الصحابة يتسابقون في حفظ القرآن عن ظهر قلب، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأه عليهم ليحفظوه، فكلما نزلت آية أو آيتان أو أكثر علّمهم إياها، وقد كانوا يعتمدون في حفظ القرآن على تلقيهم وسماعهم من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في المقام الأول، فتعلموه وحفظوه منه، وكذلك كانوا يعلمون بعضهم بعضاً أيضاً، فقد كان فيهم مجيدون متقنون يعلمون غيرهم ممن انشغل عن القرآن بالجهاد أو بأمر آخر، فكان من المعلمين: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وغيرهم، وقد كان الصحابة يتعلمون مع القرآن معانيه وأحكامه، جاء في الحديث: (كان الرجلُ منا إذا تعلَّم عشرَ آياتٍ لم يجاوزْهنَّ حتى يعرفَ معانيهن والعملَ بهن)،[٥] وقد حفظ عدد كبير جداً من الصحابة القرآن، وسمي أشهر الحفاظ بقراء الصحابة، ومنهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وعائشة وحفصة وأم سلمة وغيرهم.[٦]
الحفظ في السطور
كان تدوين آيات القرآن الكريم وكتابتها في الصحف والأوراق وسيلةً أخرى اعتمد عليها الصحابة في حفظ القرآن الكريم، فقد كانوا يكتبون القرآن على ما توفر لديهم من أوراق وأحجار وجلود، وقد خصص النبي -صلى الله عليه وسلم- عدداً من الصحابة لكتابة ما ينزل عليه من القرآن، فكان يتلو عليهم وهم يكتبون، وسمّي هؤلاء بكتاب الوحي، ومنهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص والخلفاء الأربعة ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم، وبقي القرآن الكريم متفرقاً في الأوراق والرقاع حتى تمَّ جمعه في مصحف واحد في زمن أبي بكر الصديق الذي بدأ بهذه المهمة ثمَّ أكملها من بعده عثمان بن عفان، -رضي الله عنهم أجمعين-.[٧]
المراجع
- ↑ سورة الأنفال، آية:2
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:5027، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4937، حديث صحيح.
- ↑ أحمد الزومان (28/11/2008)، "الصحابة والقرآن"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/5/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن جرير الطبري، في تفسير الطبري، عن شقيق بن سلمة، الصفحة أو الرقم:44، حديث صحيح.
- ↑ رقم السؤال223036 (26/12/2014)، "ذكر جملة من الصحابة رضي الله عنهم ، ممن أتم حفظ كتاب الله تعالى"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/5/2021. بتصرّف.
- ↑ رقم السؤال10012 (30/9/2002)، "من الذي كتب القرآن وكيف تم تجميعه ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/5/2021. بتصرّف.