الخلافة الراشدة

فُجِعَ أهل المدينة بعد وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، واشتدت عليهم وطأة المصيبة، وعظُمت الواقعة، وكان الحزن والأسى يعصف بهم، وخافوا على الإسلام من انكسار هِمَّتهم، بعد فراغ السُّلطة، فبدأ الصحابة يفكرون بحاكم يقودهم، ويحرص على أداء حقوقهم، وحِفظ حُرمتهم، وتيسير معاشهم، وصون كرامتهم، ومقاتلة عدوهم، فسارَعوا في اختيار خليفتهم الأول، ثمَّ توالى بعده باقي الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم- بذات الحرص، وحمل مسؤولية الأمة، فكيف لا يكونون كذلك وهم قد عُرِفوا واشتهروا، فهم جميعهم كانوا من المبشرين بالجنة، والمقربين من النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان قد أمر -عليه الصلاة والسلام- المسلمين بالاقتداء بسُنّتهم، فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (فعَلَيْكُمْ بسنَّتِي وسنَّةِ الخلَفَاءِ الراشدينَ المهديينَ عضُّوا عليها بالنواجِذِ)،[١][٢]


الخلفاء الراشدون بالترتيب

إنَّ الخلفاء الراشدين هم الأربعة المشهورون، الذين عرفتهم الأمة، وهم بالترتيب: أبو بكر الصديق، ثمَّ عمر بن الخطاب، ثمَّ عثمان بن عفان، ثمَّ علي بن أبي طالب، -رضي الله عنهم جميعًا-.[٣]


أبو بكر الصديق

هو عبد الله بن أبي قحافة، عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، وُلد قبل الهجرة بواحد وخمسين سنة، وكان حنيفاً على ملة إبراهيم، فقد رفض أن يعبد الأصنام في الجاهلية، وحرّم على نفسه الخمر،[٤] وكان عالماً بأنساب قريش، وهو -رضي الله عنه- أول من أسلم من الرجال، وقد أنفق ماله في سبيل الله، بايعه المسلمون للخلافة في العام الحادي عشر للهجرة، واستمرَّ في الخلافة سنتين وأربعة أشهر تقريباً، ثمَّ توفي -رضي الله عنه- ودُفن في جوار النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان قد أنجب من الأبناء عبد الله، وعبد الرحمن، وعائشة، ومحمد، وأسماء، وأم كلثوم.[٤]


عمر بن الخطاب

هو عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدرِكة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن مَعَدِّ بن عدنان، يُلقب بأبي حفص العدوي، أعزّ الله به المسلمين عند إسلامه، وأصبح شديداً على المشركين أضعاف شدّته على المسلمين قبل أن يسلم،[٥] وهو ثاني الخلفاء الراشدين، وقد لُقّب بالفاروق لأنَّ الله سبحانه قد فرّق به بين الحق والباطل،[٦] استمرت خلافته عشر سنين وستة أشهر، ثمَّ اغتاله أبو لؤلؤة فيروز الفارسي في صلاة الفجر وهو يؤم الناس في الخامس والعشرين من ذي الحجة، فمات -رضي الله عنه- وعمره ثلاث وستون سنة، ودفن في الروضة الشريفة بجانب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأبي بكر الصديق.[٢]


عثمان بن عفان

هو أبو عبد الله عثمان بن عفَّان الأموي القرشي، كان من السابقين إلى الإسلام، كُنّي بذي النورين لأنَّه تزوج من اثنتين من بنات النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، ومن العشرة المبشرين بالجنة،[٧] كان ممن هاجروا الهجرتين، وهو -رضي الله عنه- أفضل من قرأ القرآن على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد جمع ما بين العلم والعمل، عُرف بصيامه، وتهجده، وإتقانه، وصلة الأرحام، والجهاد في سبيل الله، استمرت خلافته اثنتي عشرة سنة، ثمَّ قتله سودان بن حمران في يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة، في العام الخامس والثلاثين للهجرة، وكان قد بلغ عمره بضعًا وثمانين سنة -رضي الله عنه-.[٨]


علي بن أبي طالب

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فهو ابن عم النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد تزوج من ابنته فاطمة رضي الله عنها، وأنجب منها سيِّدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، كان -رضي الله عنه- من السابقين في الدخول للإسلام، فهو أول من أسلم من الصبيان، وهو الذي نام في فراش النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ليلة الهجرة إلى المدينة، عُرف بمآثره الجليلة، ومحبة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- له، فقد شَهد له -عليه الصلاة والسلام- بمحبته لله ورسوله، وبمحبة الله ورسوله به،[٩]

عاش مجاهداً، ومات بطلاً، فقد قتله عبد الرحمن بن مُلْجم الخارجي، بعد أن افتتح -رضي الله عنه- ركعتي صلاة الفجر،[١٠] وكانت مدة خلافته أربع سنوات وتسعة أشهر تقريباً.[١١]


المراجع

  1. رواه الألباني، في تخريج كتاب السنة ، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:59، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب فريق موقع إسلام ويب (2/12/2003)، "نبذة مختصرة عن الخلفاء الراشدين الأربعة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فريق موقع شبكة الألوكة (8/4/2015)، "أبو بكر الصديق رضي الله عنه"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  4. مصطفى عبدالباقي (10/7/2013)، "عمر بن الخطاب رضي الله عنه"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  5. محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 1. بتصرّف.
  6. محمد رضا (1/6/2017)، "ذي النورين عثمان الخليفة الثالث "، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
  7. فريق موقع إسلام ويب (28/12/2011)، "عثمان بن عفان"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
  8. د. راغب السرجاني (10/6/2010)، "علي بن أبي طالب"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
  9. محمد أبو عجيلة أحمد عبدالله (1/5/2009)، "الخليفة الراشد علي بن أبي طالب"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
  10. فريق موقع إسلام ويب (2/1/2012)، "علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين المهديين"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.