تعريف الصحابي

اختلف أهل العلم في تعريف الصحابي، فيرى ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- أنّ الصحابي هو: "من لقي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل ذلك فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى"، وقد خالفه في ذلك ابن حزم -رحمه الله تعالى- فقال: "وأما من أدرك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعقله وسنّه، إلا أنّه لم يلقه، فليس من الصحابة؛ ولكنّه من التابعين"، والخلاف في ذلك مستساغ لا بأس فيه، وفي هذا المقال ذكر أول من توفي من الصحابة.[١]


أول من توفي من الصحابة

أول من توفي من الصحابة بعد الهجرة

ذكر أهل العلم أنّ الصحابي عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- هو أول صحابي توفي في المدينة بعد الهجرة، وقد حزن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم شديد الحزن على موته، فقبّله -عليه الصلاة والسلام- والدموع تسيل على خديه الشريفتين، وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في الإصابة عن وفاة عثمان بن مظعون -رضي الله عنه-: "توفي بعد شهوده بدراً في السنة الثانية من الهجرة، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دُفِن بالبقيع منهم".[٢]


أول من توفي بعد النبيّ من أهل بيته

كانت فاطمة الزهراء أول الناس لحاقاً بأبيها -صلّى الله عليه وسلّم- بعد وفاته، وقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- ذلك فقالت: (كُنَّ أَزْوَاجُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عِنْدَهُ، لَمْ يُغَادِرْ منهنَّ وَاحِدَةً، فأقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي، ما تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِن مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ شيئًا، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بهَا، فَقالَ: مَرْحَبًا بابْنَتي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ، أَوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن بَيْنِ نِسَائِهِ بالسِّرَارِ، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ؟ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، سَأَلْتُهَا ما قالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ قالَتْ: ما كُنْتُ أُفْشِي علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سِرَّهُ، قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قُلتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ، بما لي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ، لَما حَدَّثْتِنِي ما قالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: أَمَّا الآنَ، فَنَعَمْ، أَمَّا حِينَ سَارَّنِي في المَرَّةِ الأُولَى، فأخْبَرَنِي أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، وإنَّه عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فإنَّه نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ قالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الذي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقالَ: يا فَاطِمَةُ أَما تَرْضِيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ قالَتْ: فَضَحِكْتُ ضَحِكِي الذي رَأَيْتِ).[٣][٤]


آخر من توفي من الصحابة

يُذكر أنّ آخر صحابيّ من صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفاةً هو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، ويُقال الكناني، واسمه عامر بن واثلة بن عبدالله بن عمرو الليثي الكناني الحجازي، وهو خاتم من رأى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من الصحابة في الدنيا، ولد بعد الهجرة، وقيل أنَّه قد توفي في مكة المكرمة سنة عشر ومائة، وكان أبو طفيل -رضي الله عنه- قد رأى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو في حجة الوداع، وهو يستلم الركن، فقال: (رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَطُوفُ بالبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معهُ وَيُقَبِّلُ المِحْجَنَ)،[٥] وكان -رضي الله عنه- أدرك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ثمان سنوات، فقال: (أدركتُ من حياةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمانِ سنين وُلِدتُ عامَ أُحُدٍ)[٦][٧][٨]


المراجع

  1. د. سامية منيسي (26/11/2016)، "تعريف الصحابي"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021.
  2. "أول من دفن بالبقيع من المهاجرين"، إسلام ويب، 22/7/2002، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021.
  3. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2450، حديث صحيح.
  4. إسلام ويب (22/06/2014)، "فاطمة رضي الله عنها ـ ضَحِكٌ وبُكَاء ـ"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عامر بن واثلة أبو الطفيل، الصفحة أو الرقم:1275، حديث صحيح.
  6. رواه ابن عساكر ، في تاريخ دمشق، عن عبدالله بن الوليد، الصفحة أو الرقم:125، حديث صحيح.
  7. "آخر الصحابة وفاة"، إسلام ويب، 1/11/2006، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021.
  8. "أبو الطفيل ( ع )"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021.