أين دُفن طلحة بن عبيد الله؟

دُفن الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- بعد استشهاده في البصرة في قنطرة قرّة، وكان ذلك في العام السادس والثلاثين من الهجرة، وكان يبلغ من العمر اثنتين وستين عاماً،[١] وقيل أربعةٍ وستين عاماً.[٢]


كيف استشهد طلحة بن عبيد الله؟

استشهد طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- في موقعة الجمل، في زمن خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بسهم غادر، فبعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حصل خلاف بين الصحابة -رضوان الله عليهم- بين تقديم مبايعة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- واستقرار الأمور، وبين أخذ القصاص من الذين قتلوا عثمان بن عفان، وكان طلحة بن عبيد الله يميل في رأيه إلى تقديم القصاص.[٣]


فلما كانت موقعة الجمل، وفي أثنائها، جاء الخليفة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يحاول أن يردّ طلحة عن قراره، وناشده أن يرجع عن قتاله، فاستجاب له طلحة ورجع وانسحب من المعركة، إلا أن سهماً غادراً لحق به من أحد الذين يزرعون الفتنة ويريدون إشعالها، فأصابه فاستشهد -رضي الله عنه-. [٣]


حزن علي على استشهاد طلحة بن عبيد الله

كان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد حزن حزناً شديداً على استشهاد طلحة، فعندما رأى -رضي الله عنه- طلحة شهيداً على الأرض قام بمسح الغبار عن وجهه ولحيته، وترحّم عليه وقال: " ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة".[٤]


ولما انتهى من دفن طلحة والزبير -رضي الله عنهما- وقف يودّعهما بكلمات جليلة، اختتمها بقوله: "إني لأرجو أن أكون أنا، وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال الله فيهم: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)[٥] وضم قبريهما بنظراتها الحانية وقال: "سمِعَتْ إليَّ أُذُني مِن فِي رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَقولُ: طَلْحةُ والزُّبَيرُ جارايَ في الجنَّةِ".[٦][٣]


جهاد طلحة بن عبيد الله في غزوة أحد

اشتُهر -رضي الله عنه- بشجاعته وبسالته، حيث كان له العديد من المواقف البطولية التي تدل على ذلك؛ ومن ذلك موقفه -رضي الله عنه- في غزوة أحد، فقد كان من الذين ثبتوا مع رسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث قام بالدفاع عن رسول الله، وجعل من جسده درعاً لحمايته -صلى الله عليه وسلم-، حتى أصيب بخمس وسبعين طعنة ورمية، وشلّت يده وقطعت أصابعه،[٧] فجاء في حديث قيس بن أبي حازم -رضي الله عنه-: (رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتي وقَى بها النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ شَلَّتْ).[٨]


وكان-رضي الله عنه- قد حمل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ظهره ليتمكن من الصعود على الصخرة، لمتابعة المعركة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أوجب طلحة"؛ أي وجبت له الجنة،[٩] ففي الحديث: (كانَ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يومَ أُحُدٍ درعانِ ، فنَهَضَ إلى صَّخرةٍ ، فلم يستَطِع ، فأقعدَ تحتَهُ طلحةَ ، فصعِدَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حتَّى استَوى على الصَّخرةِ ، قالَ : فسَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ : أَوجبَ طَلحةُ).[١٠]


المراجع

  1. إسماعيل الأصبهاني، سير السلف الصالحين، صفحة 221. بتصرّف.
  2. أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابي لأبي نعيم، صفحة 98. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "طلحة بن عبيد الله"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 19/7/2022. بتصرّف.
  4. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 541. بتصرّف.
  5. سورة الحجر، آية:47
  6. رواه علي بن أبي طالب، في المستدرك على الصحيحين، عن الحاكم، الصفحة أو الرقم:5666، صحيح الإسناد.
  7. إسماعيل الأصبهاني، سير السلف الصالحين، صفحة 220. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن قيس بن أبي حازم، الصفحة أو الرقم:3724، صحيح.
  9. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 431. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن الزبير بن العوام، الصفحة أو الرقم:3738، حسن.