تعريف بالصحابي جعفر بن أبي طالب
هو أبو عبد الله جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، ابن عمِّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو الأخ الشقيق لعلي وعقيل -رضي الله عنهما-، وأمهم جميعاً هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، فنسبه -رضي الله عنه- موصولٌ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من جهة الأب والأم.[١][٢]
وُلد -رضي الله عنه- في مكة المكرمة سنة أربع وثلاثين قبل الهجرة، وهو أكبر من علي بعشر سنين، وأصغر من عقيل بعشر سنين، وهو أحد السابقين في الإسلام، حيث أسلم مبكراً بعد إسلام أخيه علي بقليل، فكان إسلامه قبل أن يدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم ويدعو فيها، فقيل أنه أسلم بعد واحد وثلاثين شخصاً، وكان هو الثاني والثلاثين.[٣][٤]
كان ممن هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية مع زوجته أسماء بنت عميس -رضي الله عنه-، وأنجبت له في الحبشة أبناءه الثلاثة؛ عبد الله بن جعفر؛ وهو أول مولود للمسلمين على أرض الحبشة، ومحمد، وعون، وبقي في الحبشة حتى العام السابع من الهجرة عندما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر، فهاجر إلى المدينة المنورة، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم عندما قدم جعفر: (واللَّهِ ما أدري بأيِّهما أفرَحُ ؟ بفتحِ خَيبرَ أم بقُدومِ جعفَرٍ).[٥][٦]
الصفات الخَلقية لجعفر بن أبي طالب
كان جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- أشبه الناس بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في خَلقه وخُلقه، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لجعفر -رضي الله عنه-: (أشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقِي)،[٧] فدلّ ذلك على جمال خِلقته وخُلقه.[٨]
الصفات الخُلقية لجعفر بن أبي طالب
تحلّى -رضي الله عنه- بالعديد من الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، ومن أبرزها التي ظهرت في ملامح شخصيته ما يلي:[٩][١٠]
الإقدام والشجاعة
عُرف -رضي الله عنه- بشجاعته وإقدامه، حيث عيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم قائداً في غزوة مؤتة، فقام بذبح فرسه دلالة على عزيمته وقوته، وقاتل في غزوة مؤتة بكل شجاعة وبسالة، وأبلى فيها بلاء حسناً، وقام بحماية راية الإسلام فيها، حتى أصيب يده اليمنى وقطعت، ثم أصيبت يده اليسرى وقطعت، ثم حملها بعضديه منعاً لسقوطها، وبقي على هذه الحال حتى استشهد، وقد لُقب بذي الجناحين وطيار الجنة.
الكرم والجود
كان -رضي الله عنه- سخياً معطاءً، جواداً كريماً، كثير الإنفاق في وجوه الخير، خاصة للفقراء والمساكين، حيث كان يلازمهم ويقوم على رعايتهم وحوائجهم، ويطعهم من طعام بيته، حتى لُقب بأبي المساكين، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (وكانَ أخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بنُ أبِي طَالِبٍ؛ كانَ يَنْقَلِبُ بنَا فيُطْعِمُنَا ما كانَ في بَيْتِهِ، حتَّى إنْ كانَ لَيُخْرِجُ إلَيْنَا العُكَّةَ الَّتي ليسَ فِيهَا شَيءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ ما فِيهَا)،[١١] والعُكة هي وعاء جلدي يوضع فيه الطعام، كالسمن ونحوه
الفطنة والذكاء
كان -رضي الله عنه- ذكياً فطناً، راجح العقل، حسن المنطق، داعية حكيماً، ويظهر ذلك في محاورته ومناقشته للنجاشي عندما هاجر المسلمون إلى أرض الحبشة، وكان جعفر -رضي الله عنه- أميرهم، حيث تمكّن في إقناع النجاشي بدعوة الإسلام، فتكفّل النجاشي في توفير الأمن والحماية للمسلمين في الحبشة.
التضحية والهجرة
كانت السمة الغالبة في حياة جعفر -رضي الله عنه- التضحية والجهاد، فقد هاجر في حياته إلى الحبشة في المرة الأولى والثانية، وهاجر إلى المدينة المنورة، من أجل الله ورسوله، ولإظهار كلمة الحق، وشعائر الدين، فقد ترك أرضه ووطنه وهاجر عندما أذن له الرسول وأمر بذلك، مما يدل على قوة إيمانه، ورسوخ عقيدته، وتضحيته الكبيرة في سبيل الله ورسوله.
فضائل جعفر بن أبي طالب
تميّز جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- بفضائل ومناقب عديدة، من أبرزها:[١٢]
- كونه -رضي الله عنه- من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- شهادة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه من أهل الجنة، جاء في الحديث: (رأيتُ جعفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ مَلَكًا يَطيرُ في الجنةِ مع الملائِكةِ بِجناحَيْنِ).[١٣]
- شهادة الصحابة -رضوان الله عليهم- بالأفضلية، قال أبو هريرة -رضي الله عنهم-: (ما احتذى النِّعالَ ، ولا انتعلَ ، ولا ركبَ المَطايا ، ولا ركبَ الكُورَ - بعد رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أفضلُ من جعفرَ).[١٤]
استشهاد جعفر بن أبي طالب
استشهد -رضي الله عنه- في غزوة مؤتة في العام الثامن للهجرة، حينما تولى قيادة الجيش بعد استشهاد زيد بن حارثة -رضي الله عنه-، قال ابن عمر -رضي الله عنه: (أَمَّرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وإنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ. قَالَ عبدُ اللَّهِ: كُنْتُ فيهم في تِلكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ في القَتْلَى، ووَجَدْنَا ما في جَسَدِهِ بضْعًا وتِسْعِينَ؛ مِن طَعْنَةٍ ورَمْيَةٍ).[١٥][١٦]
وقد حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- حزناً شديداً على استشهاده، فجاء عن عائشة -رضي الله عنه- أنها قالت: "لما أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن".[١٦]
المراجع
- ↑ نايف منير فارس، الإمام جعفر بن أبي طالب وآله رضي الله عنهم، صفحة 13-14. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 541. بتصرّف.
- ↑ "جعفر بن أبي طالب"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 15/8/2022. بتصرّف.
- ↑ الزركلي، الأعلام، صفحة 125. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن الشعبي عامر بن شراحيل، الصفحة أو الرقم:350، حسن وبالجملة فالحديث قوي بهذه الطرق.
- ↑ عمر سليمان الأشقر، التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها، صفحة 134. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:2699، صحيح.
- ↑ نايف منير فارس، الإمام جعفر بن أبي طالب وآله رضي الله عنهم، صفحة 101. بتصرّف.
- ↑ نايف منير فارس، الإمام جعفر بن أبي طالب وآله رضي الله عنهم، صفحة 102-09. بتصرّف.
- ↑ "جعفر بن أبي طالب - الشهيد الطيار للشيخ : علي بن عمر بادحدح"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 15/8/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3708 ، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 464-465. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4367 ، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عكرمة مولى ابن عباس، الصفحة أو الرقم:3764، حسن صحيح غريب.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4261، صحيح.
- ^ أ ب ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 541. بتصرّف.