التعريف بخالد بن الوليد
اسمه ونسبه
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، وأمّه عصماء وهي لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن الهلالية وتكون أختا لزوجة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ميمونة بنت الحارث، ولزوجة العباس بن عبد المطلب لبابة الكبرى، وقد كان -رضي الله عنه- يُكنّى بأبي سليمان.[١]
نشأته
كانت ولادة خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في مكة المكرمة، وكان والده رفيع المكانة والنسب، ومن سادات قريش وأغنيائها، حيث كان يتكفّل بإطعام الناس في مواسم الحج وسوق عكاظ، كما كان يستحوذ على شرف كسوة الكعبة بماله عاماً، بينما كانت قريش تكسوها عاماً آخر حتى لُقِّب بريحانة قريش، أمّا خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فقد كان من قادة فرسان قريش، حيث أنّه تعلّم الفروسية وبرع فيها منذ نعومة أظافره، حتى عُرف -رضي الله عنه- بمقدرته الفريدة على القتال بسيفين في آنٍ واحدٍ وقيادة الفرس برجليْه، وذلك لم يُعرف به أحد سواه والزبير بن العوام -رضي الله عنه-.[٢]
أسرته
كان لخالد بن الوليد -رضي الله عنه- عدد من الإخوة ومنهم: عمارة، وأبو قيس، وعبد شمس وقد ماتوا على الكفر، وهشام فقد أسلم وحسن إسلامه، كما كان له عدد من الأخوات ومنهن: فاطمة بنت الوليد -رضي الله عنها- التي أسلمت يوم فتح مكة وكانت زوجة للحارث بن هشام، وقد تزوج خالد -رضي الله عنه- عدداً من النساء ومنهنّ: كبشة بنت هوذة، وأم تميم الثقفية، وبنت أنس بن مدرك، وبنت مجاعة بن مرارة، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّه كان يتزوج في ظروف عسكرية شديدة؛ وذلك رغبة منه في إظهار قوته وعدم مبالاته بأعدائه والاستهانة بهم، أمّا أبناؤه فقد كانوا خمسة وهم: سليمان، وعبد الله الأول، وعبد الله الثاني، والمهاجر، وعبد الرحمن.[٣]
إسلامه
عندما تمّ صلح الحديبية أسلم الوليد بن الوليد -رضي الله عنه-، فسأله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في عندما قدم إلى مكة في عمرة القضاء عن أخيه خالد، فأجابه بقوله: يأتي به الله، فهمّ الوليد -رضي الله عنه- بإرسال رسالة إلى أخيه خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يُخبره فيها بسؤال رسول الله عنه وأنّه قال فيه"ما مثله جهل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ولقدّمناه على غيره" وكان خالد -رضي الله عنه- في ذلك الوقت يفكر باعتناق الإسلام وعندما بلغته رسالة أخيه أُعجب بما قاله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيه، فأسلم -رضي الله عنه- وكان ذلك قبل فتح مكة بستة أشهر من السنة الثامنة للهجرة.[٢]
صفاته الخَلقية
كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ضخم الحجم، عريض ما بين منكبيه، يتمتع بقوة جسده وبنيته، ولعلّ ما يُظهر ذلك ما ذكره -رضي الله عنه- أنّه في غزوة مؤتة قُطعت في يديه تسعة أسياف، وممّا يجدر ذكره أنّه كان أشبه الناس بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حتى كان الناس يُكلمونه وهم يظنونه عمر -رضي الله عنه- وكذلك العكس.[٣][٤]
صفاته الخُلقية
كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يتحلّى بالعديد من الأخلاق الكريمة ومنها ما يأتي:[٣]
- الكرم والجود: فقد كان -رضي الله عنه- يعطي ويُهدي من ماله الخاص مَن يأتي إليه من أشراف العرب وساداته.
- الإيثار والتضحية: وذلك بغية أن ينال رضا الله -تعالى-.
- الحكمة وعمق التفكير: فقد كان -رضي الله عنه- إذا أراد اتخاذ قرار ما نظر إلى السماء ثمّ إلى الأرض مطيلاً التفكير.
- الشجاعة: فقد كان -رضي الله عنه- مضرب المثل في الشجاعة والثبات على مرّ العصور والأزمان.
- العلم: فقد كان -رضي الله عنه- على دراية تامّة بأحكام الجهاد بل أعلم الناس بذلك لحاجته الماسّة إليه، أمّا معرفته بالعلوم الشرعية الأخرى فكان جيداً مقارنة بغيره من الصحابة ولعلّ ذلك يعود لكونه أنه لم يمض وقتاً طويلاً مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كغيره من الصحابة -رضي الله عنهم-.
مناقبه
هناك العديد من المناقب التي امتاز بها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ومنها ما يأتي:[٥]
- كان -رضي الله عنه- قائداً من قادة الجيش الإسلامي في العديد من الغزوات التي كانت في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم وبعد عهده.
- كان -رضي الله عنه- قد حارب أهل الردّة ومسيلمة الكذاب.
- كان -رضي الله عنه- كثير الجهاد في سبيل الله -تعالى- حتى جعل سلاحه ودرعه وقفاً بعد وفاته.
لقبه
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد لقّب خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بسيف الله المسلول، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (نِعمَ عبدُ اللهِ، وأَخو العَشِيرةِ، وسَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ، سَلَّهُ اللهُ على الكُفَّارِ).[٦][٧][٨]
العبقرية العسكرية لخالد بن الوليد
عُرف خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بحنكته ودهائه العسكري حتى كان أشهر قادة المسلمين الذين عُرفوا بذلك، وقد ظهرت عبقريته العسكرية في العديد من الغزوات والمعارك لا سيما في غزوة مؤتة التي تمكّن فيها من إنقاذ الجيش الإسلامي من إبادة مُحقّقة، حيث كان يبلغ عدد المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل بينما بلغ عدد الروم مئتي ألف مقاتل، وبعد استشهاد القادة الثلاثة الذين كان رسول الله قد ولّاهم قيادة الجيش استلم القيادة خالد -رضي الله عنه- وعمد إلى وضع خطة عسكرية مُحكمة تُمكّنه من النصر وبيانها كما يأتي:[٩]
- أمر -رضي الله عنه- عدداً من المسلمين بجعل الخيل تجري لإثارة الغبار ليلاً؛ وذلك لخداع الروم بوصول مددٍ للمسلمين.
- أعاد -رضي الله عنه- هيكلة وترتيب الجيش، فجعل الميمنة ميسرة وكذلك العكس، ومقدمة الجيش مؤخرة وكذلك العكس فكان ذلك سبباً أيضاً بخداع الروم.
- كلّف -رضي الله عنه- عدداً من المسلمين بالصعود على أحد التلال والانتشار على مساحات طويلة وعريضة ولا يكون عملهم سوى إثارة الغبار والتكبير؛ إيهاماً بالمدد المستمر للمسلمين.
- همّ -رضي الله عنه- في اليوم التالي للمعركة بالانسحاب التدريجي بجيشه، فظنّ الروم أنّ ذلك كميناً من خالد -رضي الله عنه- فلم يعمدوا إلى ملاحقته بل وقفوا أماكنهم ينظرون إلى انسحابه.
وبذلك تمكّن -رضي الله عنه- من تحقيق النصر للمسلمين فلم يستشهد منهم سوى اثنا عشر رجلا من بينهم القادة الثلاث، بينما قُتل من الروم عدد كبيرٌ جداً، كما أنّ انسحابه من المعركة كان بعد أن بثَّ في نفوس الروم بوصول المدد للمسلمين ممّا كان ذلك سبباً في حفظ كيان الجيش الإسلامي وهيبته.[٩][١٠]
أهم إنجازات خالد بن الوليد
استطاع خالد بن الوليد -رضي الله عنه- تحقيق العديد من الإنجازات العسكرية ومنها ما يأتي:[٢]
- فتح العراق: عمد أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لاختيار خالد بن الوليد لقيادة الجيش الإسلامي المُتجه لفتح العراق، فاستطاع خالد -رضي الله عنه- فتح جزء كبير منها، وعندما وصل الأنبار لفتحها وجد أهلها متحصنين بها وبالخندق العظيم الذي كان حولها، إلّا أنّ ذلك لم يمنعه -رضي الله عنه- لمتابعة هدفه فأمر بنحر الإبل الضعيفة وإلقائها في أضيق جوانب الخندق لتكون جسراً يعبر عليه مع الجيش، ولتأمين الحماية لهم من نبل العدو كلّف رماته بإطلاق وابل من السهام نحوهم، فما كان من قائد الفرس إلا الاستسلام وطلب الصلح ففُتحت الأنبار.
- فتح بلاد الشام: تمكن -رضي الله عنه- من الوصول إلى بلاد الشام لنجدة المسلمين هناك، فقام بتجميع الجيوش الإسلامية التي كانت منتشرة هناك تحت راية واحدة، ثمّ عمد إلى تقسيم الجيش إلى كتائب بغية تكثير عدده في عيون الأعداء، وجعل أبا عبيدة -رضي الله عنه- أميراً على قلب الجيش، ومعه عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو، وجعل عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أميراً على الميمنة ومعه شرحبيل بن حسنة -رضي الله عنه-، ويزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أميراً على الميسرة، وتمّ التقاء الجيش الإسلامي بجيش الروم في وادي اليرموك وكان النصر حليفاً للمسلمين.
وفاة خالد بن الوليد
توفي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكان ذلك سنة إحدى وعشرين للهجرة في مدينة حمص، وكان -رضي الله عنه- يبلغ من العمر خمساً وخمسين سنة، وقد قال عندما حضرته الوفاة: "لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة، أو طعنة، أو رمية، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء".[١١][١٢]
المراجع
- ↑ أحمد عيسى، سيرة الصجابي خالد بن الوليد، صفحة 11. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "خالد بن الوليد"، قصة اسلام ، 7-3-2014، اطّلع عليه بتاريخ 29-9-2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عبد العزيز العمري (7-9-2010)، "جوانب من الحياة الشخصية لخالد بن الوليد"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2021. بتصرّف.
- ↑ أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 330. بتصرّف.
- ↑ موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 569-570. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مسند أبي بكر، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:138 ، صحيح بشواهده.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 429. بتصرّف.
- ↑ أحمد الجدع، فدائيون من عصر الرسول، صفحة 138. بتصرّف.
- ^ أ ب جهاد الترباني، مائة من عظماء أمة الاسلام غيروا مجرى التاريخ، صفحة 87-88. بتصرّف.
- ↑ "غزوة مؤتة"، إسلام ويب، 31-5-2004، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2021. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، صفحة 140. بتصرّف.
- ↑ أنور الجندي، من أعلام الاسلام، صفحة 22. بتصرّف.