خالد بن الوليد

هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد بن المغيرة، ابن عبد الله بن مخزوم بن يقظة، ابن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، وكانت كنيته -رضي الله عنه- أبو سليمان، ووالدته لبابة بنت الحارث، أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها-، وقد أسلم -رضي الله عنه- قبل الفتح مع عثمان بن طلحة وعمرو بن العاص، وهاجر معهم، حيث فرح -عليه الصلاة والسلام- لذلك، فقال عندما ذكر خالد أمامه: (نِعمَ عبدُ اللهِ، وأَخو العَشِيرةِ، وسَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ، سَلَّهُ اللهُ على الكُفَّارِ)،[١] فقد كان إسلامه -رضي الله عنه- فتحاً على الإسلام، حيث واجه هرمزاً فقتله، وكان يقاتل في أرض المعركة وهو يتغنّى بأشعار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويتبرك بها،[٢] وكان أبوه الوليد بن المغيرة سيداً من أسياد قريش، حتى لقّبته قريش بريحانة قريش، إلّا أنّه كان من أشدّ الأعداء للإسلام والمسلمين، حتى أورث أبناءه الحقد على الإسلام والكره لأهله.[٣]




شخصية خالد بن الوليد

كان الصحابي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- صاحب شخصية فريدة، حيث كان ذا شخصية قيادية قبل الإسلام، وتعززت القيادة فيه بعد إسلامه، فكانت له -رضي الله عنه- منزلةً مرموقة جداً في الجيش المكيّ، ومنزلةً مرموقة في وسط العرب بشكل عام،[٤] وفيما يأتي ذكر بعض صفات شخصية خالد بن الوليد:


البلاغة والفصاحة

امتازت شخصية الصحابي خالد بالفصاحة والبلاغة، فقد كان -رضي الله عنه- خطيباً مفوهاً مؤثراً بالناس، حتى امتدحه أبو بكر الصديق فقال: "عجزت النساء أن يلدن مثل خالد".[٥]


الإيثار وحب التضحية

عُرِف خالد -رضي الله عنه- بإيثاره وفدائه نفسه باغياً رضى الله تعالى وما عنده، حتى روي عنه أنّه قال: "ما من ليلة يهدى إليَّ فيها عروس أنا لها محب، وأبشَّر فيها بغلام، بأحبَّ إليَّ من ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد في سرية من المهاجرين، أصبح بهم العدو".[٦]


التفكير العميق

لم يكن -رضي الله عنه- متسرعاً في قراراته، ولا متخبطاً في آرائه، بل كان متوازناً عميقاً، لا يخرج منه رأياً أو حكماً إلّا بعد رويّةٍ وتأمل، فقد أُثِر عنه -رضي الله عنه- أنّه كان إذا احتاج للحزم في أمرٍ معين نظر إلى السماء، ثمّ نظر إلى الأرض، ويأخذ يقلب فكره فيه برويّة، ثمّ بعد ذلك يقرر رأيه -رضي الله عنه-.[٦]


العبقرية العسكرية

اشتهرت شخصية خالد بن الوليد بالحنكة العسكرية، والذكاء في وضع الاستراتيجيات العسكرية، وأكثر ما برز ذلك في يوم معركة مؤتة، وذلك بعد أن استشهد القادة الثلاث الذين أمّرهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على جيش المسلمين، وهم: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، فبعد استشهادهم كان جيش المسلمين في موقف حرج، فتقدم خالد -رضي الله عنه- واستلم الراية تفادياً للموقف الصعب الذي واجههم، وبطريقة تفكيره المحنكة استطاع الانسحاب بالجيش بأقل الخسائر جامعاً بذلك المصلحة العامة للمسلمين.[٧]


رجّاعاً إلى الحقّ

حيث تذكر السيرة أنّ ثمّة خلاف حدث يوماً بين الصحابي الجليل عمّار بن ياسر وخالد -رضي الله عنهما، دلت على أن خالداً كان صاحب حقّ، يرجع عن خطئه وغلطه، حيث ذهب عمار يشكو خالداً للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فيقول خالد: (كان بيْني وبيْن عَمَّارِ بنِ ياسرٍ كلامٌ، فأَغلَظْتُ له في القَولِ، فانطلَقَ عَمَّارٌ يَشْكوني إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاء خالدٌ وهو يَشْكوه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قال: فجَعَل يُغْلِظُ له، ولا يَزيدُه إلَّا غِلظةً، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ساكِتٌ لا يَتكلَّمُ، فبَكى عمَّارٌ، وقال: يا رسولَ اللهِ، ألَا تَراهُ؟ فرَفَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأسَه، قال: مَن عادى عمَّارًا، عاداهُ اللهُ، ومَن أَبغَضَ عمَّارًا، أَبغضَهُ اللهُ. قال خالدٌ: فخرَجْتُ، فما كان شَيءٌ أحَبَّ إليَّ مِن رضَا عمَّارٍ، فلَقيتُه، فرَضيَ).[٨][٩]


المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مسند أبي بكر، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:138، صحيح بشواهده.
  2. أبي نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة، صفحة 925-926. بتصرّف.
  3. بسام العسلي، قادة فتح بلاد الشام والعراق، صفحة 149. بتصرّف.
  4. راغب السرجاني، كتاب السيرة النبوية، صفحة 13. بتصرّف.
  5. خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 300. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "جوانب من الحياة الشخصية لخالد بن الوليد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021. بتصرّف.
  7. "العبقرية العسكرية في شخصية خالد بن الوليد"، قصة الإسلام، 5/1/2016، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021. بتصرّف.
  8. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن خالد بن الوليد، الصفحة أو الرقم:16814، حديث صحيح.
  9. "عمار بن ياسر"، قصة الإسلام، 1/5/2006، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021. بتصرّف.