هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسيد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، وأمّه صفية بنت عبد المطلب عمّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- التي تكفّلت بتربيته وتنشئته بعد وفاة أبيه العوام بن خويلد، وقد كان أبوه أخاً لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وكان الزبير -رضي الله عنه- من أوائل الذين دخلوا في الإسلام وكان عمره حينئذ ست عشرة سنة، وقد كان يُكنّى بأبي عبد الله، ويُلقّب بحواري رسول الله، كما أنّه قد تزوج أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- وأنجبت له أول مولود في الإسلام بعد أن هاجرا إلى المدينة وهو عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-.[١]
شخصية الزبير بن العوام
كانت صفية بنت عبد المطلب -رضي الله عنها- تعمد إلى تربية ابنها تربية يغلب عليها الحزم والصرامة بغية أن تُنشئ رجلاً قوياً شجاعاً يدافع عن قومه، وقد كان لهذا الأسلوب الأثر الواضح في شخصية الزبير -رضي الله عنه- فقد عُرف بشجاعته وفروسيته وحبّه للجهاد والتضحية بنفسه في سبيل الله -تعالى-، كما كان -رضي الله عنه- يتحلّى بالعديد من الأخلاق ومنها: التواضع، والزهد، والورع، والحلم، والفطنة والذكاء، وكثرة الإنفاق والتصدق في سبيل الله، وعتق الرقاب، وكثرة البكاء من خشية الله -تعالى-،[١][٢] إلّا أنّ أكثر ما امتازت به شخصيته -رضي الله عنه- ما يأتي:
الشجاعة والقوة
ومن المواقف التي تُظهر ذلك ما يأتي:[١][٣]
- جهاده في غزوة بدر: حيث تمكّن -رضي الله عنه- من قتل عدداً من صناديد الكفر ومنهم: عبيدة بن سعيد بن العاص، والسائب بن أبي السائب بن عابد، وعمّه نوفل بن خويلد بن أسد.
- جهاده في معركة اليرموك: حيث كان عدد جيش الروم مئتي ألف مقاتل، وعندما رأى -رضي الله عنه- تراجع جند المسلمين أمام الروم لكثرة عددهم حمل سيفه وأخذ يشقّ صفوف العدو وحده وهو يكبّر، وبقي يفعل ذلك حتى كتب الله النصر للمسلمين وقد ثبت ذلك عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- قال: (أنَّ أصْحَابَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالوا لِلزُّبَيْرِ يَومَ اليَرْمُوكِ: ألَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ معكَ؟ فَقَالَ: إنِّي إنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ، فَقالوا: لا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عليهم حتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وما معهُ أحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلًا، فأخَذُوا بلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ علَى عَاتِقِهِ، بيْنَهُما ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَومَ بَدْرٍ).[٤]
التوكل على الله -تعالى-
ومن المواقف التي تُظهر ذلك أنّه عندما اقتربت وفاته عمد -رضي الله عنه- إلى توصية ابنه بقضاء دينه أن يتوكل على الله في ذلك لما ثبت عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- قال: (فَجَعَلَ يُوصِينِي بدَيْنِهِ، ويقولُ: يا بُنَيِّ إنْ عَجَزْتَ عنْه في شيءٍ، فَاسْتَعِنْ عليه مَوْلَايَ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما دَرَيْتُ ما أَرَادَ حتَّى قُلتُ: يا أَبَةِ مَن مَوْلَاكَ؟ قالَ: اللَّهُ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما وقَعْتُ في كُرْبَةٍ مِن دَيْنِهِ، إلَّا قُلتُ: يا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عنْه دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ).[٥][١]
الوقوف عند حدود الله -تعالى-
ومن المواقف التي تُظهر ذلك ما ثبت عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أنّ أبيه الزبير كان قد تخاصم مع رجل من الأنصار حول سقاية الماء لأرض كل منهما حيث كان الماء يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري، فأمر رسول الله الزبير بأن يأخذ من الماء بالمعروف أي أقل من كفايته حيث قال: (أَسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إلى جَارِكَ فَغَضِبَ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: أَنْ كانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،[٦]حيث اعتقد الأنصاري أنّ رسول الله قد حكم للزبير للقرابة التي بينهما، ممّا جعل رسول الله يغضب ويحكم للزبير بأن يأخذ من الماء كامل حقه حيث قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (اسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حتَّى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ، فَقالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إنِّي لَأَحْسِبُ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ في ذلكَ: {فلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بيْنَهُمْ}).[٦][١][٧]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج "الزبير بن العوام"، قصة اسلام، 1-5-2006، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2021. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد، محض المرام في مناقب الزبير بن العوام، صفحة 96-107. بتصرّف.
- ↑ أمين الشقاوي (5-10-2011)، "سيرة الزبير بن العوام"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:3975 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:3129 ، صحيح.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:2359، صحيح.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2021. بتصرّف.