أبو ذرٍّ الغفاري أحد الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، واسمه جُندب بن جنادة، كان من الأوائل السابقين إلى الإسلام، وقيل إنّه خامس من أسلم، وعاد إلى قومه بأمرٍ من النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ هاجر إلى المدينة بعد هجرة المسلمين والنبيّ -عليه الصلاة والسلام- إليها،[١] وقد روى أبو ذرٍّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أوصاه بوصايا سبعٍ، وهي كما قال أبو ذر: (أوصاني خليلي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بخصالٍ مِن الخيرِ: أوصاني بألَّا أنظُرَ إلى مَن هو فوقي، وأنْ أنظُرَ إلى مَن هو دوني، وأوصاني بحبِّ المساكينِ والدُّنوِّ منهم، وأوصاني أنْ أصِلَ رحِمي وإنْ أدبَرتْ، وأوصاني ألَّا أخافَ في اللهِ لومةَ لائمٍ، وأوصاني أنْ أقولَ الحقَّ وإنْ كان مُرًّا، وأوصاني أنْ أُكثِرَ مِن قولِ: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ فإنَّها كنزٌ مِن كنوزُ الجنَّةِ)،[٢] وفيما يأتي شرحٌ لهذه الوصايا.


شرح وصايا النبي لأبي ذرٍّ الغفاريّ

كان من عادة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يوصي أصحابه -رضي الله عنهم-، ويتخوّلهم بالنصائح التي تفيدهم في دنياهم وآخرتهم، ومن ذلك: وصيّته لأبي ذرٍّ الغفاريّ -رضي الله عنه-، وفي قوله -رضي الله -عنه-: "أوصاني خليلي"، قاصدًا النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ دلالةٌ على محبَّته للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وتمثّلت وصايا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- له في الآتي:[٣]

  • القناعة والرضا: وذلك حين أوصاه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بألّا ينظر إلى من هو فوقه وأعلى منه من الناس في المال أو الجاه أو غيرها من متاع الدنيا، وأن ينظر إلى من هو دونه؛ أي أقل منه في المال أو الصحة ونحوها، وبذلك يصل الإنسان إلى القناعة والرضا.
  • حبّ المساكين والقرب منهم: وذلك لأنّ المساكين ليس لديهم ما يحبّهم الناس لأجله، ويتقرّبون منه بسببه؛ فكان حبّهم والإحسان إليهم خالصًا لله -تعالى-.
  • صلة الرحم: فقد أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أبا ذرٍّ -رضي الله عنه- أن يصل أقاربه ويحسن إليهم، حتى وإن قطعوه هم ولم يصلوه.
  • ألّا يخشى في الله لومة لائمٍ: أي ألّا يقدّم الخوف من الناس على الخوف من الله -تعالى-.
  • قول الحقّ: فقد أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أبا ذرٍّ -رضي الله عنه- بأن يقول الحقّ دون خشيةٍ، حتى وإن كان هذا الحقّ شديدًا وثقيلًا على الآخرين.
  • قول لا حول ولا قوّة إلا بالله: فهي من الأذكار ذات الفضل العظيم، ومعناها الإيمان واليقين بأن لا قوَّة أو طاقة للعبد في جلب خيرٍ أو دفع ضرٍّ إلا بمشيئة الله -تعالى- وقوّته وعونه.


وصايا أُخرى لأبي ذرٍّ

أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أبا ذرٍّ -رضي الله عنه- بوصايا أُخرى غير الواردة في الحديث؛ كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذرٍّ أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أوصاه: (يا أبا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ)؛[٤] ففي هذا الحديث يوصي النبيّ أبا ذرٍّ بأن يُكثر من المرق إذا طبخه، ويزيد في كمّيته؛ ليرسل إلى جيرانه، والقصد من ذلك إكرام الجار والإحسان إليه.[٥]


المراجع

  1. شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 46. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:449، صححه شعيب الأرناؤوط.
  3. "شرح الحديث: أوصاني خليلي"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2022. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2625 ، حديث صحيح.
  5. محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، صفحة 7. بتصرّف.