عصر أبي بكر الصديق

أبو بكرٍ الصّديق رضي الله عنه

هو عبدُ الله بنُ عثمانٍ بنِ عامر بنِ كعبٍ بن سعدٍ بن تيمٍ بن مُرّة بن كعب، بن لؤي، بن غالبٍ، أيْ يلتقي نسبُه بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مُرّة بنِ كعبٍ، ويُكنّى بأبي بكرٍ، وأباهُ يُكنّى بأبي قُحافةَ واسمُه عثمان، وأمّه تُكنّى بأمّ الخير واسمُها سلمى بنتُ صخرٍ تكونُ ابنةُ عمّ أبيه، وقد أسلمت وهاجرت، جاءت ولادةُ أبي بكرٍ بعد عامِ الفيل بعامَين، أيْ هو أصغر من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بسَنَتينِ، وقد كان تاجراً عظيماً ذا مكانةٍ مرموقةٍ ومحبوبةٍ في قومِه، علّامة بالأنسابِ العربيّة خبيراً بها، وهو أفضلُ الخلقِ بعد الرّسل والنّبيين والصّديقين، وأوّل من أسلمَ على وجهِ هذهِ الأرضِ بدعوةِ التّوحيد العظيمة.^[١]

عصر أبي بكر الصّديق

بويع أبو بكر الصديق في نفس اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة، حيث تمت المبايعة يوم الاثنين في العام الحادي عشر للهجرة، فكان أول خليفة للمسلمين بعد رسول الله، واستمرت خلافته مدة سنتين ونصف،^[٢] وكانت حافلة بالأعمال والإنجازات؛ ولعلّ من أبرز ما يُبيّن ذلِك ما يلي:^[٣][٤]

الأمرُ بتسيير جيش أسامة بن زيد

وكان ذلِك أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل انتقالِه للرفيق الأعلى، وقد اقترح بعضُ الصّحابة تأخير خروج الجيش، إلّا أنّ أبا بكر رضي الله عنه كان حازماً في تسيير جيش أسامة؛ إنفاذاً لأمر نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم.

حروبُ المرتدّين

فبعد وفاةِ النبيّ الكريم قد ارتدّ بعض المسلمين عن الإسلام؛ فكان لا بُدّ من قتالِهم ومنعهم من انتشار الفساد والفتنة في الدّين، من أمثال قبائل؛ بني أسد وبني تميم واليمامة وغيرهم، وهذا العمل مركزيّ في تثبيت المسلمين وإعزاز شوكة الإسلام.

جمعُ القرآن الكريم

وذلِك بجمعِه من صدور الرّجال الحُفاظ في سطورِ الصّحف، خاصّة بعد موت الكثير من الحفظةِ في حروب الرّدة، وذلِك خشيةً من ضياعِ الآيات القُرآنيّة، فجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، مرتبة فيه الآيات والسور، وهذا العمل من أضخم أعمالِه التأثيريّة إلى يومِنا هذا.

تجهيزُ الجيوش الإسلاميّة

سيّر أبو بكر الصديق الجيوش الإسلامية، وأمدّهم بالإمدادات اللازمة، ففتحوا كثيراً من مدن الشّام والعراق، وغير ذلك.

الوصيّة باستخلاف عمر

فوصيّة الصّديق رضي الله عنه وأرضاه بالاستخلاف لعمر بن الخطّاب رضي الله عنه من بعدِه، ومبايعته بالخلافة مع الصحابة الكرام قبل وفاته، من أعظم الأعمال التي قام بها، وذلِك لمعرفتِه بفراسة الفاروق واستعداده لنصر هذه الأمّة.

أهم ما تميّز به أبو بكر في خلافته

تميّزت خلافةُ الصّديق رضي الله عنه بعدّة نقاطٍ مهمّة:^[٥]

• تجلّت قدرةُ أبي بكر في سياسية الدّولة الإسلاميّة بعد وفاة النبيّ الكريم، حيث تعرّضت الدّولة لكثيرٍ من الانقسامات التي كان من أبرزها حروبُ الرّدة؛ فأعطى الدّولة أمنها وقوّتها.
• تجلّت خطبُه ورسائِله لأمرائِه في كافّة الأقالِيم، وذلك بلُغتِه الباهرة، وبلاغتِه النيّرة، حرصاً منه على نشر الإسلام وإذاعتِه، كما بيّنت الخُطب والرسائل مدى تقواه وخشيتِه وورعه.
• تجلّت سعةُ علمِ أبي بكر بالقرآن والسّنة؛ فقد كان على قدر من الفهم والوعي بأحكام الشريعة، وتعدّ فتاواه أبرز دليلٍ على ذلِك، إلا أنه كان يستشير أصحابَه متواضعاً في خلافتِه، تغلبُ الرّحمة والرأفة كثيراً من آرائِه إلى جانبٍ من الحزم.
• تجلّت حكمةُ أبي بكرٍ ورباطةِ جأشِه وحنكتِه في مصاب الأمّة الجلل وهو وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ فقد كان قوياً صامداً خليفةً بحقّ في إنهاضِ عزمِ المسلمين، والمحافظةِ على ثباتِهم وإيمانِهم، وإنفاذ أوامر النبي بعد موتِه.