سلمان الفارسي -رضي الله عنه- هو أحد صحابة رسول الله، يكنّى بأبي عبد الله، وقد لقب بالباحث عن الحقيقة، وذلك بسبب القصة التي قادته إلى الإسلام، حيث روى عبد الله بن العباس عن سلمان الفارسي بإسناد صحيح حديثًا طويلًا فيه قصة إسلامه، والتي تلخص بأنه كان رجلاً مجوسياً في بلاد فارس، ثم أعجبته النصرانية، فتنصّر وذهب إلى الشام، وبقي فيها يتحرى الدين الحق، إلى أن سمع عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة، بعد ذلك تم بيعه لليهود وهو في طريقه إلى المدينة فأصبح عبدًا، واعتنق اليهودية إلى أن التقى برسول الله، وعرفه بالعلامات التي وصفت له من الرهبان النصارى، فأسلم وهو عبد إلى أن كاتب صاحبه، فأعتق نفسه بفضل الله ثم معونة رسول الله وأصحابه، أما ما ورد عن سلمان الفارسي في غزوة الخندق من أحاديث وقصص، فمنها ما صح، ومنها ما لم يوجد له إسناد، ومنه ما لا يصح، وخلال هذا المقال سنبين ذلك كله.[١]
ما قصة سلمان الفارسي في غزوة الخندق؟
وردت عدة روايات في دور سلمان الفارسي بغزوة الخندق، ولم يصح إلا واحد منها في حديث حسن، وهي أنه شهد لما اعترضت صخرة كبيرة المسلمين في حفر الخندق، فتقدّم لها رسول الله، فضربها بمعول ثلاث ضربات، وفي كل ضربة كان يزيل ثٌلثها، وفي كل ضربة أيضًا تبرق برقة، فسأل سلمان رسول الله عن البرقات، فأجاب رسول الله أن أول برقة رفعت له مدائن كسرى وما حولها، فطلب منه من حضر من الصحابة أن يدعو الله أن يفتحها عليهم، وأن يغنمهم إياها، فدعا رسول الله، وفي البرقة الثانية رفعت له صلى الله عليه وسلم مدائن قيصر وما حولها، فطلب الصحابة على نحو الأولى فأجاب الرسول، والبرقة الثالثة رُفعت له -عليه الصلاة والسلام- مدائن الحبشة وما حولها وقال: دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا التُّركَ ما تركوكم.[٢]
هل أشار سلمان الفارسي على رسول الله بحفر الخندق؟
ورد مما روي عن غزوة الخندق أنه لما اجتمع الأحزاب وساروا إلى غزو المدينة استشار صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما يفعلون لمواجهة الأحزاب، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق شمال المدينة وهي الجهة الوحيدة غير المحصنة في المدينة، إذ إن باقي الجهات كانت محصنة بسبب طبيعتها أو بسبب التصاق المباني، فقال سلمان لرسول الله: إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، وخلاصة هذه الرواية والحديث المتضمن فيها أنه لم يوجد لها إسناد من رواة الحديث، أي أنها لا تثبت والله أعلم.[٣]
هل قال رسول الله سلمان منا آل البيت؟
ينتشر حديث عن رسول الله أنه يوم خط الخندق في حرب الأحزاب جعل لكل عشرة أربعين ذراعاً، فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلًا قويًا، فقال المُهاجرون سلمان منا، وقالت الأنصار سلمان منا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت.[٤]
ورد هذا الحديث بعدة ألفاظ، وبأكثر من إسناد، وكانت جميعها إما ضعيفًا جدًا أو متروكًا، أو مسكوتًا عنه، ويذهب البعض إلى أنه لا يصح، والله أعلم.
للمزيد من المعلومات عن صحابة رسول الله، يمكن قراءة المقالات التالية:
لماذا تستحي الملائكة من عثمان؟
قصة إسلام سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة
المراجع
- ↑ "إسلام سلمان الفارسي ـ الباحث عن الحقيقة ـ"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن رجل من الصحابة، الصفحة أو الرقم: 3176، حسن.
- ↑ هانى فقيه، كتاب حصول المأمول بشرح مختصر الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 198. بتصرّف.
- ↑ رواه الذهبي، في سير أعلام النبلاء، عن عمرو بن عوف، الصفحة أو الرقم:1/540، متروك.