عمرو بن العاص رضي الله عنه هو أحد فرسان قريش، كان من أذكى رجال العرب في عصره، عُرف بشدة الفطنة الحنكة والحيلة، فقد كان يقال: "معاوية للمعضلة وعمرو للبديهة، والمغيرة بن شعبة لكل صغيرة وكبيرة"، كما شهدت له قريش وجزيرة العرب بالدهاء وقيل عنه داهية العرب، ويذكر أن عمرو بن العاص قد أسلم قُبيل فتح مكة، إذ منَّ الله عليه بالإسلام بعد أن كان يستخدم حيلته ودهاءه في محاربة الرسول ومن معه، فانقلب بفضل الله إلى جانب المسلمين، ولم يدخر شيئاً من قدراته في نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله، وخلال هذا المقال سنتطرق للحديث حول حياة عمرو بن العاص.[١]


دهاء عمرو بن العاص قبل الإسلام

لعل أبرز ما جاء في سيرة عمرو بن العاص هو سفارته إلى الحبشة، فعندما أمر رسول الله المستضعفين في مكة بالهجرة إلى الحبشة، أرسلته قريش إلى ملك الحبشة لصحبة تربطه فيه لكونه تاجرًا كان يقصد الحبشة، وكذلك لفطنته ودهائه وقدرته على الإقناع، ولكن قدر الله في هذه المرة أن لا يكون لدهاء عمرو أي تأثير، وذلك من فضل الله على المسلمين، إذ لم يتمكن عمرو من إقناع ملك الحبشة برد المسلمين من أهل قريش معه، على الرغم من تحريضه عليهم، وعلى دينهم الذي يعتنقونه.[٢]


فقد طلب عمرو بن العاص من ملك الحبشة أن يقوم من هاجر إلى الحبشة ببيان ما هو دينهم ظنًا منه أنه يخالف عقيدة ملك الحبشة الذي كان على النصرانية، ولكن شاء الله أن يشرح قلب النجاشي الذي قال عنه رسول الله: "لا يظلم عنده أحد"، ويدخل اليقين في قلبه أن دين الإسلام والنصرانية ينبعان من مكان واحد، فرد النجاشي عمرو بن العاص، ولم يُرجع معه المسلمين، وهذه الحادثة لعلها الوحيدة التي انقلب فيها دهاء ابن العاص عليهم، وذلك بفضل الله، والله أعلم.[٢]


قصة إسلام عمرو بن العاص

روي عن عمرو بن العاص أنه بعد أن انصرفت قريش من الأحزاب، دخل في خاطره أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو، فكان من رأيه الذي يظهر دهاءه فيه، أن يذهب إلى الحبشة، ويقيم فيها إلى أن تنتهي مسألة رسول الله مع قريش، فإما أن يظهر البني -عليه الصلاة والسلام- على المشركين، فيكون عمرو في الحبشة عند النجاشي وبحمايته، فما يضره ذلك، أو أن تظهر قريش على رسول الله، فيعود ولن يكون له إلا الخير في قومه.[٣][٢]


فذهب عمرو إلى النجاشي ومعه الهدايا مع مجموعة من أصحابه، فلما جاء النجاشي وجد أن عمرو بن أمية الضمري قد خرج من عنده، وعرف ابن العاص أنه رسول من النبي إلى النجاشي، فدخل ابن العاص، وطلب منه أن يسلمه إياه ليقتله فيمن قتلهم من أشراف قريش، فغضب النجاشي، وقال له، أنه لن يسلمه رسول من ينزل عليه الناموس الأكبر، ونصح النجاشي ابن العاص أن يتبع الرسول؛ لأنه على الحق، فبايع ابن العاص النجاشي على الإسلام، وكتم ذلك عن أصحابه، وانطلق إلى المدينة.[٣][٢]


ويذكر عمرو بن العاص، أنه لما قدم إلى المدينة التقى بخالد بن الوليد، وسأله ما شانه، فما وجد من خالد إلا أنه قد دخل الإيمان في قبله، وعرف أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي، فانطلقا إلى رسول الله ليُسلِما بين يديه، ويكمل ابن العاص أنه بعد أن بايع خالد بن الوليد رسول الله على الإسلام، أقبل بين يدي رسول الله، وقال له أنه يبايعه على الإسلام على أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، وطمأنه رسول الله وقال له: يا عمرو بايع إن الإسلام يجُب ما قبله، فبايع وانطلق، وفي هذا الموقف يظهر القدر الكبير من الفطنة والدهاء التي يمتلكها عمرو.[٣]


المراجع

  1. "دهاء عمرو بن العاص .. “الذي آمن وأسلم الناس”"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 4/11/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث " سير أعلام النبلاء - عمرو بن العاص"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/11/2023. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "قصة إسلام عمرو بن العاص"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/11/2023. بتصرّف.