عمر بن الخطاب

هو الصحابي الجليل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رِياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومية، ولد في مكة قبل البعثة النبوية بحوالي ثلاثين سنة، وكان شديداً على المسلمين قبل أن يُسلم، فكان يتعرض لهم ويؤذيهم ويشارك في تعذيبهم، حتى أنه فكر بقتل النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن الله -تعالى- هداه للإسلام وشرح له صدره، فكان إسلامه فتحاً للمسلمين وعزاً ونصراً لهم، جاء في الحديث أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما زِلْنَا أعِزَّةً مُنْذُ أسْلَمَ عُمَرُ).[١][٢]


ما هو منهج عمر بن الخطاب في التربية؟

كان لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- منهج تربوي إسلامي فريد، استقاه من منهج الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان هذا المنهج يستهدف الأسرة والأطفال والمجتمع بأكمله، فالأسرة هي أساس المجتمع، وهي التي تخرج له أفراداً صالحين، فلا بد من صلاحها لصلاح المجتمع، وتبدأ التربية عند عمر -رضي الله عنه- قبل تكوين الأسرة وقبل الزواج، فمن أول الواجبات على الأب أن يُحسن اختيار زوجته التي ستصبح أماً لأطفاله، تطبيقاً لوصية النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ[٣] ومن واجبات الأب أن يختار لابنه اسماً حسناً وأن يعلمه القرآن،[٤] ثم أن يتعهد الأسرة بالتربية الصالحة ويركز على الالتزام بالعبادات، والوقوف عند حدود الله، وتحري أكل الحلال من الرزق، والحث على الإيثار والإحسان ومكارم الأخلاق، وكل ذلك بلطف وتروي وبالقدوة الحسنة والتوجيه المباشر، وكان منهج عمر قائماً على عدة محاور وأسس تربوية لتنشئة الطفل المسلم، منها:[٥]

  • بناء العقيدة الصحيحة: فالعقيدة هي الأساس في تكوين شخصية المسلم، لذلك كان عمر يحرص على تربية الطفل على العقيدة الصحيحة والقوية، من خلال زرع حب الله والرسول في قلب الطفل منذ صغره، وتعليمه القرآن والسنة، والالتزام بالواجبات الشرعية، وروي عنه أنه كان يطلب الدعاء من الأطفال، فيقول لهم: "ادع لي فإنك لم تُذنب بعد" ويقول أيضاً: "يكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته" تحبيباً لهم في طاعة الله.
  • الإعداد النفسي والجسدي السليم: فلا بد من الرعاية والاهتمام بكلا الأمرين، فالجانب النفسي العاطفي لا يقل أهمية عن الجانب الجسدي، بل ربما يكون أهم، فلا بد للأب أن يُشعر طفله بالحنان والمحبة والعطف، حتى يشعر بالأمان والاطمئنان، وتنغرس في قلبه محبة الوالدين وتقديرهما، ويتعلم الرحمة والرأفة، جاء في الحديث: (جَاءَ أعْرَابِيٌّ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَما نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوَأَمْلِكُ لكَ أنْ نَزَعَ اللَّهُ مِن قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ)،[٦] ولا بد أيضاً من الاهتمام بالجانب الجسدي وتعليم الطفل بعض الرياضات المفيدة، وقد روي عن عمر أنه قال: "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"،[٧] وهذا مما ينعكس إيجابياً على إتزان شخصيته، وضبط سلوكياته وتصرفاته، وسلامة تفكيره.
  • التربية الأخلاقية والاجتماعية: ومن ذلك تربية النشأ على الصدق والأمانة واحترام الآخرين والشجاعة وعدم الغش وعدم الأذى وعدم التلفظ بألفاظ فاحشة أو بذيئة وغير ذلك من الآداب والأخلاق الإسلامية.
  • البناء العلمي والفكري: فلا بد من تعليم النشأ وتغذيتهم بالمعرفة، ليكونوا قادرين على بناء مجتمعهم والنهوض به، وقد كان عمر يحرص كل الحرص على تعليم الأطفال فكان يشجعهم على حضور مجالس العلم، ويستثير همتهم ونشاطهم لذلك، وقام بإنشاء الكتاتيب من أجل تعليم الأطفال، وأعطى رواتب للمعلمين، ومنح الجوائز للمتفوقين.


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن قيس بن أبي حازم ، الصفحة أو الرقم:3863، حديث صحيح.
  2. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 484. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5090، حديث صحيح.
  4. محمد اسماعيل المقدم، محو الأمية التربوية، صفحة 18. بتصرّف.
  5. مقالات وبحوث (17/12/2018)، "منهج عمر بن الخطاب في تربية الناشئة"، المنتدى الإسلامي العالمي للتربية، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5998، حديث صحيح.
  7. وحيد عبد السلام بالي، الطريق إلى الولد الصالح، صفحة 56. بتصرّف.