التعريف بأبي حنيفة النعمان

هو الإمام النعمان بن ثابت بن زوطى، مُحدِّثٌ وفقيهٌ، وصاحب مذهب الحنفية، وُلِد في الكوفة عام 80 للهجرة، ونشأ وتربّى فيها، وظلّ فيها أكثر حياته، وتُوفّي في بغداد عام 150 للهجرة، وهو من التابعين، وقد لقي عدداً من الصحابة الكِرام -رضوان الله عليهم-، وهم: أنس بن مالك، وعامر بن وائلة أبو الطفيل، وعبد الله بن أبي أوفى، وروى عنهم أحاديث كثيرة، وتميّز بقوّة حجّته، وذكائه، وفطنته، وحسن هيئته وصفاته وسمته، وزهده وعبادته.[١]


وقد وُلِد أبوه ثابت على الإسلام، وقيل إنّه لقي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في صِغَرِه، فدعا له بالخير والبركة فيه وفي أبنائه،[٢] وقد روى عن أبي حنيفة كثير من التابعين، وكان -رحمه الله- ثقةً في الحديث، فقال عنه المُحدِّث يحيى بن معين: "كان أبو حنيفة ثقة لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظه، ولا يحدث بما لا يحفظ"، وكان يرتحل في طلب العلم، وتميّز بعلمه الواسع بالفقه والأحكام.[٣]


من مناقب وفضائل أبي حنيفة النعمان

تميّز الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- بالكثير من المناقب والفضائل التي يصعب حصرها، ولا يكفي ذكرها في مقال، ونذكر من أبرزها ما يأتي:[٤]

  • الورع

كان -رحمه الله- ورعاً وزاهداً، وقد أراد كلٌّ من يزيد بن هبيرة والمنصور العباسي منه أن يتولّى القضاء، ولكنّه كان يمتنع ويرفض ذلك، وقد كان أبعد النّاس عن الغيبة، قال ابن المبارك: "قلتُ لسفيان الثوري: ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة! ما سمعتُه يغتاب عدوًّا له، قال: والله هو أعقل من أن يُسلِّط على حسناته ما يذهب بها".


  • كثرة عبادته

كان -رحمه الله- كثير القراءة للقرآن الكريم، حتى نُقِل عنه أنّه كان يختم القرآن الكريم كلّ يوم، ولما اشتغل بالاستنباط والفقه والأصول صار يختمه كلّ ثلاثة أيامٍ في الوتر، وقد حجَّ خمساً وخمسين مرّة، وكان رجلاً قوَّاماً وصوَّاماً.


  • العلم الغزير

تميّز -رحمه الله- بسعة اطّلاعه وغزير علمه ومعرفته في جميع العلوم الإسلامية، وقد كان يفرض المسائل ويُقدِّر وقوعها ثمّ يقدّر لها الأحكام بالقياس، كما أنّه فرّع من الفقه عدّة فروع، وجلُّ الفقهاء بعده تبعوه في منهجه، فكانوا يفرضون المسائل ويُقدّرون وقوعها ثمّ يبيِّنوا أحكامها.


وقد تلقّى العلم عن كبار التابعين، وذُكِر في ترجمته في الكتب أنّ عدد شيوخه الذين تلقّى العلم منهم بلغ أربعة آلاف شيخ.[٥]


  • الجود والكرم والسخاء

كان -رحمه الله- جواداً وكريما، يُكثر من إنفاق ماله في سبيل الله، وقد كان يُطعم 500 شخصٍ في كل يومٍ في رمضان، وفي ليلة العيد يُعطي كلّ واحدٍ منهم ثوباً ومئة درهم.[٦]


  • ثناء أهل العلم عليه

أثنى الكثير من العلماء على أبي حنيفة وعلى جهوده العظيمة في العلم، وقد قال الشافعي -رحمه الله- عنه: "ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالاً على أبي حنيفة، وما قامت النساء على رجلٍ أعقل من أبي حنيفة"، وقال علي بن عاصم -رحمه الله-: "لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه، لرجح عليهم"، وقال ابن المبارك -رحمه الله-: "أبو حنيفة أفقه الناس".[٧]


التعريف بمذهب أبي حنيفة

نشأ مذهب أبي حنيفة في الكوفة، وقد بيّن -رحمه الله- منهجه في الفقه واستنباط الأحكام، فقد كان يأخذ الأحكام ويستنبطها من القرآن الكريم، فإن لم يجد فمن سنة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يجد فمن أقوال الصحابة -رضوان الله عليهم-، فيأخذ ما شاء منها ويدع ما شاء، ولا يخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى ابن سيرين وابن المسيِّب والشعبي ونحوهم، فيجتهد كما اجتهدوا.[٨]


وقد تميّز كذلك بالقول بالرأي والإكثار من القياس دون إهمال الأخذ بالأحاديث والآثار، كما تميّز بافتراضه للمسائل وتقدير وقوعها، ثمّ البحث فيها واستنباط الأحكام الشرعية المناسبة لها، وتُسمّى هذه الطريقة بالفقه التقديري وفرض المسائل، وكان أبو حنيفة -رحمه الله- أوّل مَن استحدث هذه الطريقة، وأكثر منها لإكثاره من استعمال القياس، وقيل إنّه قدَّر 60 ألف مسألة ذلك.[٨]

المراجع

  1. الموسوعة العربية العالمية، "أبو حنيفة النعمان"، المتكبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2023. بتصرّف.
  2. نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 5. بتصرّف.
  3. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 391، جزء 6. بتصرّف.
  4. "الإمام أبو حنيفة"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2023. بتصرّف.
  5. عبد الرحيم الطحان، خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان، صفحة 10، جزء 53. بتصرّف.
  6. عبد الرحيم الطحان، خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان، صفحة 12، جزء 53. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة، صفحة 2776، جزء 3.
  8. ^ أ ب "أبو حنيفة .. الإمام الأعظم"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2023. بتصرّف.