لُقّب زيد بن حارثة بلقب حِبّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وذلك لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان قد تبنّاه في صغره، وأحبّه حبّاً شديداً، ولم يكن الإسلام قد حرّم التبني بعد، حتى كان يُعرّف بين الناس بزيد بن محمد، وقد كان زيد بن حارثة كذلك يحبّ الرسول صلى الله عليه وسلم حبّاً شديداً، فقد تجاوز حبّه للنبي حبّ أبيه وقومه، لدرجة أن هذا الحبّ كان ملاحظاً بين الصحابة الكرام، حتى أطلقوا عليه حبّ رسول الله،[١] وابنه أسامة كان يُعرَف بين الصحابة بلقب الحِبّ ابن الحِبّ، وقد كان زيد -رضي الله عنه- مسافراً مع أمه، فهجم عليهما ناس من الأعراب، فأخذوا زيداً من أمه وباعوه، فقام حكيم بن حزام بشرائه وإهدائه إلى عمته خديجة -رضي الله عنها-، وذلك بعد زواجها من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقليل، فقامت بإهدائه إلى زوجها -صلّى الله عليه وسلّم-، فربّاه وأحسن إليه، وتبنّاه كما كان متعارف عليه بين العرب آنذاك.[٢]
صفات زيد بن حارثة
الصفات الخُلقية
تفرّد الصحابي زيد بالعديد من الصفات الحميدة، فيما يلي ذكر بعضها:[٣]
- الوفاء: فقد آثر -رضي الله عنه- بقاءه مع الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على الرجوع مع أهله، فقال لهم عندما طلبوا منه الرجوع معهم: "نعم قد رأيت من هذا الرجل شيء. ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا".
- قوة العقيدة: حيث كان زيد بن حارثة -رضي الله عنه- من السابقين الأولين في الإسلام، فهو أول من أسلم من الموالي.
- القيادة الحكيمة: فقد استعمله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في أعظم المعارك، حيث جعله قائداً في معركة مؤتة.
الصفات الخلقية
تمتع الصحابي الجليل زيد بعددٍ من الصفات الشكلية، فيما يلي ذكر بعضها:[٤]
- قصير القامة.
- ذو بشرة سمراء.
- أفطس الأنف، أي قصبة أنفه منخفضة.
إسلام زيد بن حارثة
كان الصحابي زيد من أوائل من دخل الإسلام، فقد أسلم -رضي الله عنه- وعمره أربعة وثلاثين سنة، وقيل: ثلاثين سنة، وقد شهد معمر في جامعه عن الزهري -رحمهما الله تعال- على ذلك فقال: "ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة"، وقد أول العلماء ذلك على أنّه يقصد بذلك أول من أسلم من الموالي، وكان من أسباب سرعة استجابته -رضي الله عنه- للإسلام ودخوله به؛ هو أنّه رضي الله عنه- نشأ وكبر في حجر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فعلِم منه معنى الصدق ووضوح الحقّ، لذلك كان -رضي الله عنه- من أوائل من أسلم بمجرد بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم-.[١]
فضل زيد بن حارثة
كفاءته للإمارة بشهادة الرسول
كان للصحابي الجليل زيد -رضي الله عنه- الفضل الكبير في الإسلام، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يرى فيه ما لم يره في غيره، فلمّا بعث -عليه الصلاة والسلام- بعثاً وأمّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته؛ فقال -صلّى الله عليه وسلّم: (أنْ تَطْعُنُوا في إمارَتِهِ، فقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ في إمارَةِ أبِيهِ مِن قَبْلُ، وايْمُ اللَّهِ، إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ).[٥][٦]
ذكر اسمه صريحاً القرآن الكريم
ذكر الله اسم زيد في القرآن الكريم، وذلك عندما أنزل الله -عزّ وجلّ- حكم التبنّي، وكان قد أبطله، حيث أصبح زيد -رضي الله عنه- يُنادى بين الناس بزيدٍ بن حارثة بدلاً من زيد بن محمد، وذلك امتثالاً لأمر الله -تعالى-، لكنّ الله -عزّ وجلّ- أراد أن يُطيّب خاطر زيد، فلا يجد في نفسه شيءٌ من هذا، فأنزل في هذا الموقف قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة، وذكر فيه اسمه -رضي الله عنه-، فكان زيد هو الصحابيّ الوحيد المذكور اسمه في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا).[٧][٤]
استشهاد زيد بن حارثة
بعدما جهّز رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جيش المسلمين في غزوة مؤتة، وكان قد تجاوز عدد المقاتلين فيها ثلاثة آلاف، أمّر -عليه الصلاة والسلام- على جيش المسلمين ثلاثة أمراء على التوالي، أولهم زيد بن حارثة، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتل فعبد الله بن رواحة -رضي الله عنهم- جميعاً، ثمّ انطلق جيش المسلمين، ولمّا وصلوا منطقة المعركة تفاجئوا بالأعداد الهائلة للروم، حيث بلغ عددهم مئتي ألف مقاتلٍ، فتشاور قادة الجيش فيما بينهم، ثمّ قرّروا أن يواجهوا الكفار مهما كانت النتيجة، فسار الجيش، فانطلق زيد بن حارثة، وهو حامل لواء المسلمين وانقضّ على جيش العدو، فتكالب عليه العدو بالرماح، حتى سقط شهيداً -رحمه الله تعالى-،[٨] وكان ذلك في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، وقد بلغ من العمر خمس وخمسين سنة.[٩]
المراجع
- ^ أ ب "إسلام زيد بن حارثة"، قصة إسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31/10/2021. بتصرّف.
- ↑ "تبَنِّي النبي لِزيْدِ بن حارثة"، إسلام ويب، 23/6/2019، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.
- ↑ "زيـد بن حارثة"، قصة الإسلام، 1/5/2006، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب "سيدنا زيد بن حارثة"، موسوعة النابلسي، اطّلع عليه بتاريخ 29/10/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:3730، حديث صحيح.
- ↑ محمد فؤاد عبد الباقي، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، صفحة 137. بتصرّف.
- ↑ سورة سورة الأحزاب، آية:37
- ↑ محمد علي أحمد (2/11/2020)، "في رحاب غزوة مؤتة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2021. بتصرّف.
- ↑ "زيـد بن حارثة"، قصة إسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31/10/2021. بتصرّف.