عمر بن الخطاب
هو ثاني الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، عرف -رضي الله عنه- بالفصاحة والشجاعة، والقوة والهيبة، والزّهد والتّقشف، كما كان عالماً فقيهاً، وعادلاً رحيماً، وكان سديد القول والفعل، ووافقت آراؤه القرآن في عدة مرات،[١] وكان له -رضي الله عنه- وصايا عظيمة لأبنائه ولمن حوله، وأخبر ابن القيّم بأنَّ العلماء كانوا يتلقون وصاياه بالقبول، ويبنون على بعضها أصول الحُكم والشهادة، ويوصون الحكام والمفتين بتأملها، والتفقّه فيها.[٢]
ما هي وصايا عمر بن الخطاب؟
وصايا عمر لابنه
- ذكر فطر بن خليفة وغيره أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دعا ابنه عبد الله بن عمر عند موته وأوصاه قائلاً: "أي بني، إذا قام الخليفة بعدي فائته فقل إن عمر يقرأ عليك السلام ويوصيك بتقوى الله لا شريك له، ويوصيك بالمهاجرين الأولين خيراً، أن تعرف لهم سابقتهم، ويوصيك بالأنصار خيراً، أن تقبل من محسنهم وتتجاوز عن مسيئهم، ويوصيك بأهل الأمصار خيراً، فإنهم غيظ العدو وجباة الفيء، لا تحمل فيئهم إلا عن فضل منهم، ويوصيك بأهل البادية خيراً، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام، أن تأخذ من حواشي أموالهم فترد على فقرائهم، ويوصيك بأهل الذمة خيراً، أن تقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا فوق طاقتهم".[٣]
- كما كتب عمر مرّة في غيبة غابها وصيّة إلى ابنه عبد الله -رضي الله عنهما- قال فيها: "أما بعد، فإنه مَن اتقى الله وَقَاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن شكره زاده، ومن أقرضه جَزَاه، فاجعل التقوى جِلاءَ بصرك، وعِمَادَ ظهرك، فإنه لا عمل لمن لا نِيَّة له، ولا أَجْرَ لمن لا حسنة له، ولا خير لمن لا خشية له، ولا جديد لمن لا خَلَقَ له".[٤]
وصية عمر لأبي موسى الأشعري
كتب عمر لأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- وصيّة قال فيها: "إن القضاء فريضةٌ مُحْكَمة، وسُنَّة مُتَّبَعة، فافهم إذا أُدليَ إليك؛ فإنه لا ينفع تكلُّمٌ بحقٍّ لا نفاذ له، وآسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريف في حَيفِك، ولا ييئس ضعيف في عدلك، والبيِّنة على مَن ادَّعى، واليمين على مَن أنْكَرَ، والصلح جائز بين الناس إلا صلحًا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا، ومَن ادَّعى حقًّا غائبًا أو بيِّنَة، فاضرب له أمدًا ينتهي إليه، فإن جاء ببيِّنَة أعطيته بحقِّه، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية؛ فإن ذلك أبلَغُ في العذر وأجلى للعمى، ولا يمنعك من قضاءٍ قضيته اليوم فراجعتَ فيه رأيَك، وهُديت لرشدك أن تراجع الحقَّ؛ فإن الحقَّ قديم لا يُبطل الحقَّ شيءٌ، ومراجعة الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل، والمسلمون عُدُول بعضهم على بعض في الشهادات، إلا مجلودًا في حَدٍّ، أو مدرك عليه شهادة الزور، أو ظنينًا في ولاء أو قَرابة؛ فإن الله عز وجل تولَّى من العباد السرائر، وسَتَرَ عليهم الحدود إلا بالبيِّنات والأيمان، ثم الفَهمَ الفهمَ فيما أُدلي إليك مما ليس في كتابٍ أو سُنَّة، ثم قايسِ الأمورَ عند ذلك، واعرف الأمثالَ والأشباهَ ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى وأشبهِها بالحقِّ، وإياك والغضبَ والقلقَ والضجرَ والتأذِّي بالناس عند الخصومة والتنكُّر؛ فإن القضاء في مَواطِن الحقِّ يُوجب اللهُ به الأجر، ويحسن به الذُّخر، فمَن خلصت نيَّتُه في الحقِّ ولو على نفسه، كفاه اللهُ ما بينه وبين الناس، ومَن تزيَّن لهم بما ليس في قلبه شانه اللهُ تعالى؛ فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا، وما ظنُّك بثوابِ الله في عاجل رِزْقه وخزائنِ رحمته؟ والسلام عليكم ورحمة الله".[٢]
وصية عمرلابنته حفصة
عندما هاجر المسلمون إلى المدينة، تطبّعت نساؤهم بنساء أهل المدينة، وأصبحن يراجعن أزواجهن، وعندما راجعت عمرَ زوجته تعجّب من ذلك فأخبرته بأنَّ نساء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يراجعنه، ففزع عمر من ذلك، وذهب لابنته حفصة -أم المؤمنين- وأوصاها قائلاً: "لا تَستكثري النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- ولا تُراجعيه في شيء، ولا تَهجريه، وسَليني ما بدا لك، ولا يَغُرَّنَّكَ أنْ كانت جَارَتُكِ أَوْضَأَ منك وأحبَّ إلى النبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- يريد عائشةَ -رضي الله عنها-".[٥]
المراجع
- ↑ د أكرم ضياء العمري (23/4/2015)، "عمر بن الخطاب"، قصة الاسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 1/6/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب محمود علي التلواني (31/10/2017)، "وصية سيدنا عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2/6/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد بن يزيد المبرد، كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا، صفحة 136. بتصرّف.
- ↑ وائل حافظ خلف، كتاب المنتخب من وصايا الآباء للأبناء، صفحة 23. بتصرّف.
- ↑ وائل حافظ خلف (3/2/2013)، "من روائع وصايا الآباء للأبناء (11)"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 3/6/2021. بتصرّف.