هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسيد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، وأمّه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم، فهو ابن عمته، وقد كان أبوه العوام بن خويلد أخاً لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وكان يُكنّى الزبير -رضي الله عنه- بأبي عبد الله.[١][٢]
التعريف بالزبير بن العوام
نشأته
ولد الزبير بن العوام -رضي الله عنه- سنة ثمان وعشرين قبل الهجرة، وقد ترعرع في كنف والدته صفية -رضي الله عنها- بعد وفاة أبيه العوام الذي قد قُتل في حرب الفجار التي كانت قبل الإسلام، فقامت -رضي الله عنها- على تربيته وتنشئته، وقد كانت تميل إلى أسلوب الحزم والصرامة في تربيته بغية أن يكون رجلاً قوياً شجاعاً يُدافع عن قومه.[١]
أسرته
تزوج الزبير -رضي الله عنه- عدداً من النساء وهنّ: أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، وأمة بنت خالد بن سعيد بن العاص، والرباب بنت أنيف بن عبيد، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، والحلال بنت قيس، وزينت، وقد كان له من الأبناء عشرة ذكور وهم: عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، وخالد، وعمرو، ومصعب، وحمزة، وعبيدة، وجعفر، وعشرة إناث وهنّ: المهاجر، وخديجة الكبرى، وأم الحسن، وعائشة، وحبيبة، وسودة، وهند، ورملة، زينب، خديجة الصغرى.[٣]
إسلامه
كان الزبير بن العوام -رضي الله عنه- من السابقين إلى الإسلام، حيث أسلم على يد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وكان عمره حينئذ ست عشرة سنة، وقيل اثنتي عشرة سنة، وقيل ثمان سنوات، وممّا تجدر الإشارة إليه سرعة استجابته -رضي الله عنه- لدعوة أبي بكر في الدخول في الإسلام فلم يرد عنه -رضي الله عنه- أنّه قد توانى أو تقاعس عن ذلك، كما أنّه قد تعرّض للتعذيب في أول إسلامه، وكان عمّه مَن يتولّى ذلك حيث كان يعمد إلى تعليقه ويُدخن عليه بالنار ليرجع عن دينه، لكنّ الزبير -رضي الله عنه- كان ثابتاً ثبات الجبال ويقول لعمّه: "لا أكفر أبدا".[٤]
صفاته الخَلقية
كان الزبير بن العوام -رضي الله عنه- أبيض اللون وقيل أسمر، طويل القامة وقيل مربوع ليس بالطويل ولا القصير، وقد كان -رضي الله عنه- أشعر أي شعر جسده كثير، أو شعر رأسه طويل، أمّا لحيته فقد كانت خفيفة الشعر.[٥]
صفاته الخُلقية
كان الزبير بن العوام -رضي الله عنه- يتحلّى بالعديد من مكارم الأخلاق ومن ذلك: الشجاعة، والتواضع، والحلم، والورع، والزهد، والفطنة والذكاء، وكثرة التصدق والإنفاق في سبيل الله -تعالى- وعتق الرقاب، وكان -رضي الله عنه- كثير البكاء من خشية الله -تعالى- والخوف منه، إلّا أنّ أكثر ما امتاز به -رضي الله عنه- ما يأتي:[١][٦]
- الوقوف عند حدود الله -تعالى- وأوامر رسول الله: ومن المواقف التي تُظهر ذلك كما يأتي:
- ما ثبت عن عبد الله بن الزبير-رضي الله عنه- أنّ أبيه الزبير كان قد تخاصم مع رجل من الأنصار في مسيل ماء كان كل منهما يسقي أرضه منه، وكان الماء يمر بأرض الزبير قبل الأنصاري فيحبس الماء حتى يُنهي سقاية أرضه ثمّ يرسلها إلى أرض الأنصاري، فشكا الأنصاري ذلك لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقال لهما رسول الله: (أَسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إلى جَارِكَ، فَغَضِبَ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: أَنْ كانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قالَ: اسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حتَّى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ، فَقالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إنِّي لَأَحْسِبُ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ في ذلكَ: فلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بيْنَهُمْ).[٧]
- فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد أشار على الزبير بأن يسقي أرضه بالمعروف أي يسقي بأيسر ما يكفيه من الماء ثمّ يسمح للماء بالذهاب إلى أرض الأنصاري، إلّا أنّ الأنصاري اعتقد أنّ رسول الله قد حكم للزبير للقرابة التي كانت بينهما، فغضب رسول الله لذلك فحكم للزبير بأن يستوفي حقه كاملاً من الماء.
- التوكل على الله -تعالى: ومن المواقف التي تُظهر ذلك أنّه عندما اقتربت وفاته عمد -رضي الله عنه- إلى توصية ابنه في قضاء دينه والتوكل على الله في ذلك، حيث ثبت عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- قال: (فَجَعَلَ يُوصِينِي بدَيْنِهِ، ويقولُ: يا بُنَيِّ إنْ عَجَزْتَ عنْه في شيءٍ، فَاسْتَعِنْ عليه مَوْلَايَ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما دَرَيْتُ ما أَرَادَ حتَّى قُلتُ: يا أَبَةِ مَن مَوْلَاكَ؟ قالَ: اللَّهُ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما وقَعْتُ في كُرْبَةٍ مِن دَيْنِهِ، إلَّا قُلتُ: يا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عنْه دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ).[٨]
مناقبه
هناك العديد من المناقب التي امتاز بها الزبير بن العوام -رضي الله عنه- ومنها ما يأتي:[١]
- كونه -رضي الله عنه- قد فداه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأبويْه في غزوة الأحزاب، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عنه -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَن يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بخَبَرِهِمْ. فانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمع لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبَوَيْهِ فقالَ: فِداكَ أبِي وأُمِّي).[٩]
- كونه -رضي الله عنه- كان من الذين ثبتوا مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غزوة أحد، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: ({الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يا ابْنَ أُخْتِي، كانَ أبَوَاكَ منهمْ -الزُّبَيْرُ، وأَبُو بَكْرٍ- لَمَّا أصَابَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما أصَابَ يَومَ أُحُدٍ، وانْصَرَفَ عنْه المُشْرِكُونَ؛ خَافَ أنْ يَرْجِعُوا، قَالَ: مَن يَذْهَبُ في إثْرِهِمْ؟ فَانْتَدَبَ منهمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كانَ فيهم أبو بَكْرٍ والزُّبَيْرُ).[١٠]
- كونه -رضي الله عنه- أول من سلّ سيفاً في سبيل الله -تعالى-، وذلك عندما أُشيع في بداية الدعوة إلى الإسلام في مكة المكرمة أنّ رسول الله قد قُتل، فما كان منه -رضي الله عنه- إلّا أن استلّ سيفه وأقبل يشق صفوف الناس بسيفه وكان رسول الله حينئذ بأعلى مكة.
- كونه -رضي الله عنه- أحد العشرة المُبَشرين بالجنة.
لقبه
كان الزبير بن العوام -رضي الله عنه- يُلقّب بحواري رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، والحواري هو الناصر، وقيل شديد بياض الثياب، وقد كان رسول الله مَن لقّبه بذلك حيث قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن يَأْتِينِي بخَبَرِ القَوْمِ يَومَ الأحْزَابِ؟ قَالَ الزُّبَيْرُ: أنَا، ثُمَّ قَالَ: مَن يَأْتِينِي بخَبَرِ القَوْمِ؟، قَالَ الزُّبَيْرُ: أنَا، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ).[١١][١][١٢]
جهاد الزبير بن العوام
أُشير مسبقاً إلى أنّ الزبير بن العوام -رضي الله عنه- كان يتصف بالشجاعة والقوة والفروسية، وهذا ما جعله مُحباً للجهاد والإقدام على التضحية بنفسه في سبيل الله -تعالى-، وهناك العديد من المواقف الجهادية التي تُظهر ذلك ومنها ما يأتي:[١]
- جهاده في غزوة بدر: تمكّن -رضي الله عنه- في غزوة بدر من قتل عبيدة بن سعيد بن العاص، والسائب بن أبي السائب بن عابد، ونوفل بن خويلد بن أسد عمه، وقد كانوا هؤلاء من صناديد الكفر.
- جهاده في معركة اليرموك: كان -رضي الله عنه- قد شارك في معركة اليرموك التي كانت ضد جيش الروم الذي كان يفوق عدد جنوده الجيش الإسلامي بكثير، فعندما رأى -رضي الله عنه- أنّ من كان معه من المقاتلين يتراجعون أمام جيش الروم هبّ -رضي الله عنه- لاقتحام جند الروم بسيفه وحدّه وهو يُكبّر، حتى كُتب النصر للمسلمين.
- جهاده في فتح مصر: عندما كان المسلمون قد عزموا على فتح مصر حاصروا الأعداء في أحد الحصون وقد دام ذلك الحصار سبعة أشهر، فما كان منه -رضي الله عنه- إلّا أن وهب نفسه لله -تعالى- فقام برمي نفسه داخل حصن الأعداء وأخذ بقتالهم حتى تمكّن -رضي الله عنه- من فتح باب الحصن للمسلمين، فدخل المسلون الحصن مُكبّرين حتى كُتب لهم النصر.[١٣]
وفاة الزبير بن العوام
كان -رضي الله عنه- قد قُتل غدراً وهو يُصلي على يدي ابن جرموز، الذي كان قد أسرع إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وهو يحمل سيف الزبير ليُبشره بقتله، فما كان من علي -رضي الله عنه- إلّا أن غضب لذلك غضباً شديداً وقال: "بشّر قاتل ابن صفية بالنار"، ثمّ أخذ بسيف الزبير وقال: "سيفٌ طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله".[١٤]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح "الزبير بن العوام"، قصة اسلام، 1-5-2006، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2021. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد، محض المرام في فضائل الزبير بن العوام، صفحة 52. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد، محض المرام في فضائل الزبير بن العوام، صفحة 58-61. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد، محض المرام في مناقب الزبير بن العوام، صفحة 55. بتصرّف.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:2359 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:3129 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:3720 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمين، الصفحة أو الرقم:4077 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2846 ، صحيح.
- ↑ ابن المبرد، محض المرام في مناقب الزبير بن العوام، صفحة 63. بتصرّف.
- ↑ أمين الشقاوي (5-10-2011)، "سيرة الزبير بن العوام"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2021. بتصرّف.
- ↑ الدعاة/الزبيـر بن العوام.. حواري الرسول /i659&p34 "الزبير بن العوام حواري الرسول"، نداء الايمان، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2021. بتصرّف.