عبد الرحمن بن عوف

هو الصحابي الجليل أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشيّ الزهريّ، وقد رُوي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من سماه بعبد الرحمن، لأنَّ اسمه في الجاهلية كان عبد عمرو وقيل عبد الكعبة، وأمه هي الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، وُلِد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- بعد عام الفيل بعشرة أعوام، وهو من السابقين الأولين في الإسلام، ومن أهل الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد شهد جميع الغزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبلى بلاءً حسناً، واشتُهر بغِناه وكثرةِ إنفاقِه في سبيل الله.[١]


فضائل عبد الرحمن بن عوف

إنَّ لعبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- مكانة عالية في الإسلام، وله فضائل كثيرة، منها:[٢]

  • صلاةُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- خلفه في الركعة الثانية من صلاة الفجر، جاء في الحديث: (..قالَ: المُغِيرَةُ فأقْبَلْتُ معهُ حتَّى نَجِدُ النَّاسَ قدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فَصَلَّى لهمْ فأدْرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَصَلَّى مع النَّاسِ الرَّكْعَةَ الآخِرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ قامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُتِمُّ صَلاتَهُ..).[٣]
  • تزكيةُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- له ودفاعه عنه، جاء في الحديث: (كانَ بيْنَ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ، وبيْنَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شيءٌ، فَسَبَّهُ خَالِدٌ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا تَسُبُّوا أَحَدًا مِن أَصْحَابِي، فإنَّ أَحَدَكُمْ لو أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ).[٤]
  • دعاءُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- له بأن يُسقى من سلسبيل الجنة، بسبب كونه من الصابرين الذين يعطفون على أمهات المؤمنين ويُحسنون إليهنَّ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاء في الحديث: (أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوفٍ باعَ أرْضًا له من عُثمانَ بنِ عفَّانَ بأربعينَ ألفَ دينارٍ، فقسَمَه في فُقراءِ بَني زُهرةَ، وفي المُهاجِرينَ، وأُمَّهاتِ المُؤمِنينَ، قال المِسوَرُ: فأتَيْتُ عائشةَ بنَصيبِها، فقالت: مَن أرسَلَ بهذا؟ فقُلْتُ: عبدُ الرحمنِ، قالت: أمَا إنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: وقال الخُزاعيُّ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: لا يَحْنو عليكُنَّ بَعْدي إلَّا الصابِرونَ، سَقى اللهُ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوفٍ من سَلسَبيلِ الجنَّةِ).[٥]
  • شهادةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- له بأنَّه من أهل الجنة، جاء في الحديث: (أبو بكرٍ في الجنَّةِ، وعمرُ في الجنَّةِ، وعليٌّ في الجنَّةِ، وعثمانُ في الجنَّةِ، وطَلحةُ في الجنَّةِ، والزُّبَيرُ بنُ العوَّامِ في الجنَّةِ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ في الجنَّةِ، وسَعيدُ بنُ زيدِ بنِ عمرو بنِ نُفَيلٍ في الجنَّةِ، وأبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ في الجنَّةِ).[٦]
  • إخبارُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنَّه سيموت شهيداً، جاء في الحديث عن سعيد بن زيد -رضي الله عنه-: (أشهدُ على التسعةِ أنَّهم في الجنةِ ولو شهدتُ على العاشرِ لم آثمْ، قيل وكيف ذلك؟ قال: كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بحراءَ فقال اثبُتْ حراءُ فإنَّهُ ليس عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شهيدٌ، قيل ومن هم؟ قال: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ والزبيرُ وسعدٌ وعبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ، قيل فمن العاشرُ؟ قال أنا).[٧]


كرم عبد الرحمن بن عوف وتعففه

كان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- رجلاً متعففاً لا يقبل على نفسه الصدقة على الرغم من شدة حاجته، فقد وصل إلى المدينة مهاجراً وهو لا يملك شيئاً، وآخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سعد بن الربيع -رضي الله عنه-، وعرض عليه سعد نصف ماله، وأن يختار إحدى زوجتيه فيطلّقها له فيتزوّجها بعد انتهاء عدتها، لكنَّ عبد الرحمن رفض كل ذلك، ولم يطلب من سعد إلا أن يدله على سوق المدينة، ليذهب ويعمل في التجارة ويرزقه الله -تعالى- رزقاً واسعاً، حتى صار من أغنى الأغنياء، وكان -رضي الله عنه- رجلاً كريماً معطاءً، فكان من أكثر الناس عطاءً وإنفاقاً في الخير، وكان كلما زاد ماله زاد إنفاقه، فكان يتصدّق على فقراء المسلمين ويجود عليهم بسخاء، وكان ينفق في سبيل الله، فقد تصدّق بنصف ماله في يوم العسرة، وكان مقداره أربعة آلاف دينار، ثمَّ رزقه الله مالاً كثيراً فتصدّق بأربعين ألف دينار، وقام بإعتاق ثلاثين عبد في يوم واحد، وأوصى لأمهات المؤمنين قبل وفاته بحديقةٍ بيعت بأربعمائة ألف دينار، كما أوصى بألف فرس وخمسين ألف دينار في سبيل الله.[٨]


المراجع

  1. ابن عبد البر، الاستيعاب، صفحة 844. بتصرّف.
  2. الموسوعة العقدية، [https://www.dorar.net/aqadia/3736/
    ثالثا:-فضل-عبد-الرحمن-بن-عوف-رضي-الله-عنه "فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه"]، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2021. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:274، حديث صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2541، حديث صحيح.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:24724، حديث حسن.
  6. رواه الألباني، في شرح الطحاوية، عن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:487، حديث صحيح.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سعيد بن زيد، الصفحة أو الرقم:3757، حديث حسن صحيح.
  8. مقالات طريق الإسلام (11/7/2017)، "عبد الرحمن بن عوف"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2021. بتصرّف.